جُبل أبو عبد الله الحسين عليهالسلام على التواضع
ومجافاة الأنانية ، وهو صاحب النّسب الرفيع ، والشّرف العالي ، والمنزلة الخصيصة
لدى الرّسول صلىاللهعليهوآله
، فكان عليهالسلام
يعيش في الاُمّة لا يأنف من فقيرها ، ولا يترفّع على ضعيفها ، ولا يتكبّر على أحد
فيها.
يقتدي بجدّه العظيم المبعوث رحمةً
للعالمين ، يبتغي بذلك رضا الله وتربية الاُمّة ، وقد نُقلت عنه عليهالسلام مواقف كثيرة تعامل
فيها مع سائر المسلمين بكلّ تواضع ، مظهراً سماحة الرسالة ولطف شخصيّته الكريمة ، ومن
ذلك :
إنّه عليهالسلام
قد مرّ بمساكين وهم يأكلون كسراً (خبزاً يابساً) على كساء ، فسلّم عليهم ، فدعوه
إلى طعامهم فجلس معهم ، وقال : «لولا أنّه صدقة لأكلت معكم». ثمّ قال : «قوموا إلى
منزلي» ، فأطعمهم وكساهم وأمر لهم بدراهم.
وروي : أنّه عليهالسلام مرّ بمساكين يأكلون
في الصُّفَة ، فقالوا : الغداء. فقال عليهالسلام
: «إنّ الله لا يُحبّ المتكبّرين». فجلس وتغدّى معهم ، ثمّ قال لهم : «قد أجبتكم
فأجيبوني». قالوا : نعم. فمضى بهم إلى منزله وقال لزوجته : «أخرجي ما كنتِ تدّخرين»
[١].
٢ ـ حلمه
وعفوه عليهالسلام :
تأدّب الحسين السّبط عليهالسلام بآداب النبوّة ، وحمل
روح جدّه الرّسول الأعظم صلىاللهعليهوآله
يوم عفا عمّن حاربه ووقف ضد الرسالة الإسلاميّة ، لقد كان قلبه يتّسع لكلّ النّاس
، وكان حريصاً على هدايتهم متغاضياً في هذا السبيل
[١] أعيان الشيعة ١
/ ٥٨٠ ، تأريخ ابن عساكر ـ ترجمة الإمام الحسين