وأطلّ من شرفات
القصر يخاطب عبيد الله بن زياد ، وكان هو أيضاً قد ظنّ أنّه الإمام ، فخاطبه :
اُنشدك الله إلاّ ما تنحّيتَ ، واللهِ ما أنا بمسلِّم إليك أمانتي ، وما لي في
قتالك من إرب ... [١].
صمت ابن زياد وراح يقترب من باب القصر ،
حتّى شخّص النعمان أنّ القادم هو ابن زياد ، ففتح الباب ودخل ابن زياد القصر وأغلق
بابه وباتَ ليلته ، وباتت الكوفة على وجل وترقّب ، وفي منعطف سياسي خطير.
محاولات ابن
زياد للسيطرة على الكوفة
فوجئ أهل الكوفة بابن زياد عند الصّباح
وهو يحتلّ القصر بالنداء : الصلاة جامعةً ، فقام خطيباً في الجموع المحتشدة ، وراح
يُمنّي المطيع والسّائر في ركب السّياسة القائمة بالأماني العريضة ، ويهدّد
ويتوعّد المعارضة والمعارضين والرافضين لحكومة يزيد ، حتّى قال : ... سوطي وسيفي
على مَنْ ترك أمري وخالف عهدي [٢].
ثمّ فرض على الحاضرين مسؤولية التجسّس
على المعارضين ، وهدّد مَنْ لَمْ يُساهم في هذه العملية ويُنَفِّذْ هذا القرار
بالعقوبة وقطع المخصّصات المالية ، فقال : ... فمَنْ يجيء لنا بهم فهو بريء ، ومَنْ
لم يكتب لنا أحدٌ فليضمن لنا في عَرافته أن لا يخالِفَنا منهم مخالف ، ولا يبغي
علينا منهم باغ ، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ برئت منه الذمّة وحلال لنا دمُه ومالُه.
وأيُّما عريف وجد في عرافته مَنْ بُغية أمير المؤمنين أحد لم يرفعه إلينا صُلب على
باب داره ، واُلغيت