وَ جَزٰاهُمْ بِمٰا صَبَرُوا جَنَّةً جَنَّةً يَسْكُنُونَهَا وَ حَرِيراً يَفْرِشُونَهُ وَ يَلْبَسُونَهُ مُتَّكِئِينَ فِيهٰا عَلَى الْأَرٰائِكِ وَ الْأَرِيكَةُ:اَلسَّرِيرُ عَلَيْهِ الْحَجَلَةُ [1]لاٰ يَرَوْنَ فِيهٰا شَمْساً وَ لاٰ زَمْهَرِيراً [2]،قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:فَبَيْنَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ إِذَا رَأَوْا مِثْلَ الشَّمْسِ[قَدْ]أَشْرَقَتْ لَهَا الْجِنَانُ،فَيَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ:يَا رَبِّ،إِنَّكَ قُلْتَ فِي كِتَابِكَ: لاٰ يَرَوْنَ فِيهٰا شَمْساً وَ لاٰ زَمْهَرِيراً فَيُرْسِلُ اللَّهُ جَلَّ اسْمُهُ إِلَيْهِمْ جَبْرَئِيلَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فَيَقُولُ:لَيْسَ هَذِهِ بِشَمْسٍ،وَ لَكِنَّ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ ضَحِكَا،فَأَشْرَقَتِ الْجِنَانُ مِنْ نُورِ ضَحِكِهِمَا،وَ نَزَلَتْ هَلْ أَتىٰ فِيهِمْ،إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَ كٰانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً .
قلت:القصة رواها الخاص و العام معلومة عندهم بأنها نزلت في علي و أهل بيته(عليهم السلام)فالتشاغل بذكرها بأسانيد المخالفين يطول بها الكتاب.
99-/11276 _9- مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ،قَالَ:حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ [3]الْكَاتِبُ،عَنِ الْحَسَنِ بْنِ بَهْرَامَ،عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ،عَنْ وَكِيعٍ،عَنِ الْمَسْعُودِيِّ،عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ،عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُكَتِّبِ،عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)،قَالَ: مَرِضَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ(عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)،فَنَذَرَ عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ(عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)وَ الْجَارِيَةُ نَذْراً إِنْ بَرَئَا صَامُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ شُكْراً،فَبَرَئَا،فَوَفَوْا بِالنَّذْرِ وَ صَامُوا،فَلَمَّا كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ قَامَتِ الْجَارِيَةُ وَ جَرَشَتْ شَعِيراً، فَخَبَزَتْ مِنْهُ خَمْسَةَ أَقْرَاصٍ،لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قُرْصٌ،فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْفِطْرِ جَائَتِ الْجَارِيَةُ بِالْمَائِدَةِ فَوَضَعَتْهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ،فَلَمَّا مَدُّوا أَيْدِيَهُمْ لِيَأْكُلُوا وَ إِذَا مِسْكِينٌ بِالْبَابِ يَقُولُ:يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ،مِسْكِينُ آلِ فُلاَنٍ بِالْبَابِ،فَقَالَ عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«لاَ تَأْكُلُوا وَ آثِرُوا الْمِسْكِينَ».
فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي فَعَلَتِ الْجَارِيَةُ كَمَا فَعَلَتْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ،فَلَمَّا وُضِعَتِ الْمَائِدَةُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ لِيَأْكُلُوا،فَإِذَا يَتِيمٌ بِالْبَابِ وَ هُوَ يَقُولُ:يَا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَ مَعْدِنَ الرِّسَالَةِ،يَتِيمُ آلِ فُلاَنٍ بِالْبَابِ،فَقَالَ عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«لاَ تَأْكُلُوا شَيْئاً وَ أَطْعِمُوا الْيَتِيمَ».قَالَ:فَفَعَلُوا.
فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَ فَعَلَتِ الْجَارِيَةُ كَمَا فَعَلَتْ فِي الْيَوْمَيْنِ،فَلَمَّا جَاءَتِ الْجَارِيَةُ بِالْمَائِدَةِ فَوَضَعَتْهَا، فَمَدُّوا أَيْدِيَهُمْ لِيَأْكُلُوا،وَ إِذَا شَيْخٌ كَبِيرٌ يَصِيحُ بِالْبَابِ:يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ،تَأْسِرُونَنَا وَ لاَ تُطْعِمُونَنَا.قَالَ:فَبَكَى عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)بُكَاءً شَدِيداً،وَ قَالَ:«يَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ،إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَرَاكِ اللَّهُ وَ قَدْ آثَرْتِ هَذَا الْأَسِيرَ عَلَى نَفْسِكَ وَ أَشْبَالِكِ».فَقَالَتْ:«سُبْحَانَ اللَّهِ،مَا أَعْجَبَ مَا نَحْنُ فِيهِ مَعَكِ،أَ لاَ تَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ فِي هَؤُلاَءِ الصِّبْيَةِ الَّذِينَ صَنَعْتَ بِهِمْ مَا صَنَعْتَ،وَ هَؤُلاَءِ إِلَى مَتَى يَصْبِرُونَ صَبْرَنَا».فَقَالَ لَهَا عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«فَاللَّهُ يُصَبِّرُكِ وَ يُصَبِّرُهُمْ،وَ يَأْجُرُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى،وَ بِهِ نَسْتَعِينُ،وَ عَلَيْهِ نَتَوَكَّلُ،وَ هُوَ حَسْبُنَا وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ،اللَّهُمَّ بَدِّلْنَا بِمَا فَاتَنَا مِنْ طَعَامِنَا هَذَا مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَ اشْكُرْ لَنَا صَبْرَنَا وَ لاَ تُنْسِهِ لَنَا،إِنَّكَ رَحِيمٌ كَرِيمٌ».فَأَعْطَوْهُ الطَّعَامَ.
[1] هي بيت يزيّن بالثياب و الأسرّة و الستور.«لسان العرب 11:144».
[2] الدهر 76:11-13.
[3] في المصدر:محمّد بن أحمد.