قوله تعالى:
قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مٰاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمٰاءٍ مَعِينٍ [30]
99-/10937 _1- ابْنُ بَابَوَيْهِ،قَالَ:أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّيْبَانِيُّ،قَالَ:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَفْصٍ الْخَثْعَمِيُّ الْكُوفِيُّ،قَالَ:حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ،قَالَ:حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ،عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ،عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ،عَنْ أَبِيهِ،عَنْ جَدِّهِ عَمَّارٍ،قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ، وَ قَتَلَ عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)أَصْحَابَ الْأَلْوِيَةِ وَ فَرَّقَ جَمْعَهُمْ،وَ قَتَلَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِيَّ،وَ قَتَلَ شَيْبَةَ بْنَ نَافِعٍ،أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فَقُلْتُ لَهُ:يَا رَسُولَ اللَّهِ،إِنَّ عَلِيّاً قَدْ جَاهَدَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ.فَقَالَ:«لِأَنَّهُ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ،وَ إِنَّهُ وَارِثُ عِلْمِي،وَ قَاضِي دَيْنِي،وَ مُنْجِزُ وَعْدِي،وَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِي،وَ لَوْلاَهُ لَمْ يُعْرَفِ الْمُؤْمِنُ الْمَحْضُ بَعْدِي،حَرْبُهُ حَرْبِي،وَ حَرْبِي حَرْبُ اللَّهِ،وَ سِلْمُهُ سِلْمِي،وَ سِلْمِي سِلْمُ اللَّهِ،أَلاَ إِنَّهُ أَبُو سِبْطَيَّ،وَ الْأَئِمَّةُ مِنْ صُلْبِهِ،يُخْرِجُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَئِمَّةَ الرَّاشِدِينَ مِنْ صُلْبِهِ،وَ مِنْهُمْ مَهْدِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ».
فَقُلْتُ:بِأَبِي وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ،مَنْ هَذَا الْمَهْدِيُّ؟قَالَ:«يَا عَمَّارُ،إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ أَئِمَّةٌ تِسْعَةٌ،وَ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِهِ يَغِيبُ عَنْهُمْ،وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مٰاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمٰاءٍ مَعِينٍ تَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ طَوِيلَةٌ،يَرْجِعُ عَنْهَا قَوْمٌ وَ يَثْبُتُ عَلَيْهَا آخَرُونَ،فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْرُجُ فَيَمْلَأَ الدُّنْيَا قِسْطاً وَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً،وَ يُقَاتِلُ عَلَى التَّأْوِيلِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى التَّنْزِيلِ،وَ هُوَ سَمِيِّي وَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِي.
يَا عَمَّارُ،سَتَكُونُ بَعْدِي فِتْنَةٌ،فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاتَّبِعْ عَلِيّاً وَ اصْحَبْهُ،فَإِنَّهُ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَهُ.
يَا عَمَّارُ،إِنَّكَ سَتُقَاتِلُ بَعْدِي مَعَ عَلِيٍّ صِنْفَيْنِ:اَلنَّاكِثِينَ وَ الْقَاسِطِينَ،ثُمَّ تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ».
قَالَ:يَا رَسُولَ اللَّهِ،أَ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى رِضَا اللَّهِ وَ رِضَاكَ؟قَالَ:«نَعَمْ،عَلَى رِضَا اللَّهِ وَ رِضَايَ،وَ يَكُونُ آخِرُ زَادِكَ مِنَ الدُّنْيَا شَرْبَةً مِنْ لَبَنٍ تَشْرَبُهُ».
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ خَرَجَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،فَقَالَ لَهُ:يَا أَخَا رَسُولِ اللَّهِ،أَ تَأْذَنُ لِي فِي الْقِتَالِ؟فَقَالَ:«مَهْلاً رَحِمَكَ اللَّهُ»فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَاعَةٍ أَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلاَمَ،فَأَجَابَهُ بِمِثْلِهِ،فَأَعَادَ عَلَيْهِ ثَالِثاً،فَبَكَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَمَّارٌ،فَقَالَ:يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ،إِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي وَصَفَهُ لِي رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فَنَزَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)عَنْ بَغْلَتِهِ،وَ عَانَقَ عَمَّاراً وَ وَدَّعَهُ،ثُمَّ قَالَ:«يَا أَبَا الْيَقْظَانِ جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ نَبِيِّكَ وَ عَنِّي خَيْراً، فَنِعْمَ الْأَخُ كُنْتَ،وَ نِعْمَ الصَّاحِبُ كُنْتَ».ثُمَّ بَكَى(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)وَ بَكَى عَمَّارٌ،ثُمَّ قَالَ:وَ اللَّهِ-يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ-مَا اتَّبَعْتُكَ إِلاَّ بِبَصِيرَةٍ،فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ:«يَا عَمَّارُ،سَتَكُونُ بَعْدِي فِتْنَةٌ،فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاتَّبِعْ عَلِيّاً وَ حِزْبَهُ،فَإِنَّهُ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَهُ،وَ سَتُقَاتِلُ بَعْدِي النَّاكِثِينَ وَ الْقَاسِطِينَ»فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً-يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ- عَنِ الْإِسْلاَمِ أَفْضَلَ الْجَزَاءِ،فَلَقَدْ أَدَّيْتَ وَ أَبْلَغْتَ وَ نَصَحْتَ.