مُؤْمِنَيْنِ،وَ خَلِيلَيْنِ كَافِرَيْنِ،وَ مُؤْمِنٍ غَنِيٍّ وَ مُؤْمِنٍ فَقِيرٍ،وَ كَافِرٍ غَنِيٍّ وَ كَافِرٍ فَقِيرٍ:«فَأَمَّا الْخَلِيلاَنِ الْمُؤْمِنَانِ فَتَخَالاَّ حَيَاتَهُمَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى،وَ تَبَاذَلاَ عَلَيْهَا وَ تَوَادَّا عَلَيْهَا،فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ،فَأَرَاهُ اللَّهُ مَنْزِلَهُ فِي الْجَنَّةِ،يَشْفَعُ لِصَاحِبِهِ،فَقَالَ:يَا رَبِّ خَلِيلِي فُلاَنٌ،كَانَ يَأْمُرُنِي بِطَاعَتِكَ،وَ يُعِينُنِي عَلَيْهَا،وَ يَنْهَانِي عَنْ مَعْصِيَتِكَ، فَثَبِّتْهُ عَلَى مَا ثَبَّتَّنِي عَلَيْهِ مِنَ الْهُدَى حَتَّى تُرِيَهُ مَا أَرَيْتَنِي؛فَيَسْتَجِيبُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى يَلْتَقِيَانِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ،فَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ:جَزَاكَ اللَّهُ مِنْ خَلِيلٍ خَيْراً،كُنْتَ تَأْمُرُنِي بِطَاعَةِ اللَّهِ،وَ تَنْهَانِي عَنْ مَعْصِيَتِهِ.
وَ أَمَّا الْكَافِرَانِ فَتَخَالاَّ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ،وَ تَبَاذَلاَ عَلَيْهَا،وَ تَوَادَّا عَلَيْهَا،فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ،فَأَرَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مَنْزِلَهُ فِي النَّارِ.فَقَالَ:يَا رَبِّ خَلِيلِي فُلاَنٌ كَانَ يَأْمُرُنِي بِمَعْصِيَتِكَ،وَ يَنْهَانِي عَنْ طَاعَتِكَ،فَثَبِّتْهُ عَلَى مَا ثَبَّتَّنِي عَلَيْهِ مِنَ الْمَعَاصِي حَتَّى تُرِيَهُ مَا أَرَيْتَنِي مِنَ الْعَذَابِ؛فَيَلْتَقِيَانِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ:جَزَاكَ اللَّهُ عَنِّي مِنْ خَلِيلٍ شَرّاً،كُنْتَ تَأْمُرُنِي بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ،وَ تَنْهَانِي عَنْ طَاعَتِهِ».قَالَ:ثُمَّ قَرَأَ: اَلْأَخِلاّٰءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ .
«وَ يُدْعَى بِالْمُؤْمِنِ الْغَنِيِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْحِسَابِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى:عَبْدِي.قَالَ:لَبَّيْكَ يَا رَبِّ،قَالَ:
أَ لَمَ أَجْعَلْكَ سَمِيعاً بَصِيراً،وَ جَعَلْتُ لَكَ مَالاً كَثِيراً؟قَالَ:بَلَى يَا رَبِّ.قَالَ:فَمَا أَعْدَدْتَ لِلِقَائِي؟قَالَ:آمَنْتُ بِكَ، وَ صَدَّقْتُ رُسُلَكَ،وَ جَاهَدْنتَ فِي سَبِيلِكَ.قَالَ:فَمَا ذَا فَعَلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ؟قَالَ:أَنْفَقْتُهُ فِي طَاعَتِكَ.قَالَ:فَمَا ذَا أَوْرَثْتَ فِي عَقِبِكَ؟قَالَ:خَلَقْتَنِي وَ خَلَقْتَهُمْ،وَ رَزَقْتَنِي وَ رَزَقْتَهُمْ،وَ كُنْتَ قَادِراً عَلَى أَنْ تَرْزُقَهُمْ كَمَا رَزَقْتَنِي،فَوَكَلْتُ عَقِبِي إِلَيْكَ.فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:صَدَقْتَ،اذْهَبْ،فَلَوْ تَعْلَمُ مَا لَكَ عِنْدِي لَضَحِكْتَ كَثِيراً.
ثُمَّ يُدْعَى بِالْمُؤْمِنِ الْفَقِيرِ،فَيَقُولُ:يَا ابْنَ آدَمَ [1]،فَيَقُولُ:لَبَّيْكَ يَا رَبِّ،فَيَقُولُ:مَاذَا فَعَلْتَ؟فَيَقُولُ:يَا رَبِّ هَدَيْتَنِي لِدِينِكَ،وَ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ،وَ كَفَفْتَ عَنِّي مَا لَوْ بَسَطْتَهُ لَخَشِيتُ أَنْ يَشْغَلَنِي عَمَّا خَلَقْتَنِي لَهُ.فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:صَدَقَ عَبْدِي لَوْ تَعْلَمُ مَا لَكَ عِنْدِي لَضَحِكْتَ كَثِيراً.
ثُمَّ يُدْعَى بِالْكَافِرِ الْغَنِيِّ فَيَقُولُ لَهُ:مَا أَعْدَدْتَ لِلِقَائِي؟فَيَعْتَلُّ فَيَقُولُ:مَا أَعْدَدْتُ شَيْئاً.فَيَقُولُ:مَا ذَا فَعَلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ؟فَيَقُولُ:وَرَّثْتُهُ عَقِبِي،فَيَقُولُ:مَنْ خَلَقَكَ؟فَيَقُولُ:أَنْتَ.فَيَقُولُ:مَنْ رَزَقَكَ؟فَيَقُولُ:أَنْتَ.فَيَقُولُ:مَنْ خَلَقَ عَقِبَكَ؟فَيَقُولُ:أَنْتَ.قَالَ:أَ لَمْ أَكُ قَادِراً أَنْ أَرْزُقَ عَقِبَكَ كَمَا رَزَقْتُكَ؟فَإِنْ قَالَ:نَسِيتُ؛هَلَكَ،وَ إِنْ قَالَ:لَمْ أَدْرِ مَا أَنْتَ؛هَلَكَ،فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:لَوْ تَعْلَمُ مَا لَكَ عِنْدِي لَبَكَيْتَ كَثِيراً.
ثُمَّ يُدْعَى بِالْكَافِرِ الْفَقِيرِ،فَيَقُولُ لَهُ:يَا ابْنَ آدَمَ فَمَا فَعَلْتَ فِيمَا أَمَرْتُكَ؟فَيَقُولُ:اِبْتَلَيْتَنِي بِبَلاَءِ الدُّنْيَا حَتَّى أَنْسَيْتَنِي ذِكْرَكَ،وَ شَغَلْتَنِي عَمَّا خَلَقْتَنِي لَهُ.فَيَقُولُ:فَهَلْ دَعَوْتَنِي فَأَرْزُقَكَ،وَ سَأَلْتَنِي فَأُعْطِيَكَ؟فَإِنْ قَالَ:رَبِّ نَسِيتُ؛ هَلَكَ،وَ إِنْ قَالَ:لَمْ أَدْرِ مَا أَنْتَ؛هَلَكَ،فَيَقُولُ:لَوْ تَعْلَمُ مَا لَكَ عِنْدِي لَبَكَيْتَ كَثِيراً».
قوله تعالى:
اَلَّذِينَ آمَنُوا بِآيٰاتِنٰا وَ كٰانُوا مُسْلِمِينَ -إلى قوله تعالى- وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ [69-75]
[1] في المصدر:يا عبدي.