بَرِيءٌ،وَ نَحْنُ مِنْهُ بُرَآءُ».
ثُمَّ قَالَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«إِنَّ أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ عَمِلُوا بِالْفِكْرَةِ حَتَّى وَرِثُوا مِنْهُ حُبَّ اللَّهِ،فَإِنَّ حُبَّ اللَّهِ إِذَا وَرِثَهُ الْقَلْبُ اسْتَضَاءَ بِهِ،وَ أَسْرَعَ إِلَيْهِ اللُّطْفُ،فَإِذَا نَزَلَ مَنْزِلَةَ اللُّطْفِ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْفَوَائِدِ،فَإِذَا صَارَ مِنْ أَهْلِ الْفَوَائِدِ تَكَلَّمَ بِالْحِكْمَةِ،فَإِذَا تَكَلَّمَ بِالْحِكْمَةِ صَارَ صَاحِبَ فِطْنَةٍ،فَإِذَا نَزَلَ مَنْزِلَةَ الْفِطْنَةِ،عَمِلَ بِهَا فِي الْقُدْرَةِ،فَإِذَا عَمِلَ بِهَا فِي الْقُدْرَةِ،عَمِلَ فِي الْأَطْبَاقِ [1] السَّبْعَةِ،فَإِذَا بَلَغَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ،صَارَ يَتَقَلَّبُ فِي لُطْفٍ وَ حِكْمَةٍ وَ بَيَانٍ،فَإِذَا بَلَغَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ،جَعَلَ شَهْوَتَهُ وَ مَحَبَّتَهُ فِي خَالِقِهِ،فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ نَزَلَ الْمَنْزِلَةَ الْكُبْرَى،فَعَايَنَ رَبَّهُ فِي قَلْبِهِ،وَ وَرِثَ الْحِكْمَةَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَتْهُ الْحُكَمَاءُ،وَ وَرِثَ الْعِلْمَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَتْهُ الْعُلَمَاءُ،وَ وَرِثَ الصِّدْقَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَهُ الصِّدِّيقُونَ.
إِنَّ الْحُكَمَاءَ وَرِثُوا الْحِكْمَةَ بِالصَّمْتِ،وَ إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرِثُوا الْعِلْمَ بِالطَّلَبِ،وَ إِنَّ الصِّدِّيقِينَ وَرِثُوا الصِّدْقَ بِالْخُشُوعِ وَ طُولِ الْعِبَادَةِ،فَمَنْ أَخَذَهُ بِهَذِهِ السِّيرَةِ،إِمَّا أَنْ يَسْفُلَ،وَ إِمَّا أَنْ يُرْفَعَ،وَ أَكْثَرُهُمُ الَّذِي يَسْفُلُ وَ لاَ يُرْفَعُ إِذَا لَمْ يَرْعَ حَقَّ اللَّهِ،وَ لَمْ يَعْمَلْ بِمَا أُمِرَ بِهِ،فَهَذِهِ صِفَةُ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ اللَّهَ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ،وَ لَمْ يُحِبَّهُ حَقَّ مَحَبَّتِهِ،فَلاَ يَغُرَّنَّكَ صَلاَتُهُمْ وَ صِيَامُهُمْ وَ رِوَايَاتُهُمْ وَ عُلُومُهُمْ،فَإِنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ».
ثُمَّ قَالَ:«يَا يُونُسُ،إِذَا أَرَدْتَ الْعِلْمَ الصَّحِيحَ فَعِنْدَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ،فَإِنَّا وَرِثْنَاهُ،وَ أُوتِينَا شَرْحَ [2] الْحِكْمَةِ،وَ فَصْلَ الْخِطَابِ».
فَقُلْتُ:يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ،وَ كُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ،وَرِثَ كَمَا وَرِثْتُمْ مِنْ [3] عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ(عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)؟فَقَالَ:
مَا وَرِثَهُ إِلاَّ الْأَئِمَّةُ الْإِثْنَا عَشَرَ».
فَقُلْتُ:سَمِّهِمْ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ؟فَقَالَ:«أَوَّلُهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ بَعْدَهُ الْحَسَنُ،وَ بَعْدَهُ الْحُسَيْنُ،وَ بَعْدَهُ عَلِيُّ ابْنُ الْحُسَيْنِ،وَ بَعْدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ،ثُمَّ أَنَا،وَ بَعْدِي مُوسَى وَلَدِي،وَ بَعْدَ مُوسَى عَلِيٌّ ابْنُهُ،وَ بَعْدَ عَلِيٍّ مُحَمَّدٌ،وَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ عَلِيٌّ،وَ بَعْدَ عَلِيٍّ الْحَسَنُ،وَ بَعْدَ الْحَسَنِ الْحُجَّةُ،اصْطَفَانَا اللَّهُ وَ طَهَّرَنَا وَ آتَانَا مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ».
ثُمَّ قُلْتُ:يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ،إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ دَخَلَ عَلَيْكَ بِالْأَمْسِ،فَسَأَلَكَ عَمَّا سَأَلْتُكَ،فَأَجَبْتَهُ بِخِلاَفِ هَذَا؟!فَقَالَ:«يَا يُونُسُ،كُلُّ امْرِئٍ وَ مَا يَحْتَمِلُهُ،وَ لِكُلِّ وَقْتٍ حَدِيثُهُ،وَ إِنَّكَ لَأَهْلٌ لِمَا سَأَلْتَ،فَاكْتُمْهُ إِلاَّ عَنْ أَهْلِهِ، وَ السَّلاَمُ».
قوله تعالى:
أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نٰارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ* قٰالَ فَاخْرُجْ مِنْهٰا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ [76-77]
[1] في المصدر:القدرة عرف الأطباق.
[2] في«ج»و المصدر:شرع.
[3] في المصدر زيادة:كان من ولد.