مَالِكٍ الْأَسَدِيِّ،عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيِّ،قَالَ: كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَاعِداً،وَ أَبُو جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فِي نَاحِيَةٍ،فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ مَرَّةً،وَ إِلَى الْكَعْبَةِ مَرَّةً،ثُمَّ قَالَ: سُبْحٰانَ الَّذِي أَسْرىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بٰارَكْنٰا حَوْلَهُ [1]،وَ كَرَّرَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ،ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ،فَقَالَ:«أَيَّ شَيْءٍ يَقُولُ أَهْلُ الْعِرَاقِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ،يَا عِرَاقِيُّ؟»قُلْتُ:يَقُولُونَ أَسْرَى بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ.
فَقَالَ:«لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ،وَ لَكِنَّهُ أَسْرَى بِهِ مِنْ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ»-وَ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى السَّمَاءِ-وَ قَالَ:«مَا بَيْنَهُمَا حَرَمٌ» قَالَ:«فَلَمَّا انْتَهَى بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى تَخَلَّفَ عَنْهُ جَبْرَئِيلُ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):يَا جَبْرَئِيلُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ تَخْذُلُنِي؟فَقَالَ:تَقَدَّمْ أَمَامَكَ،فَوَ اللَّهِ لَقَدْ بَلَغْتَ مَبْلَغاً لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ قَبْلَكَ،قَالَ:فَرَأَيْتُ مِنْ نُورِ رَبِّي وَ حَالَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ السُّبْحَةُ» [2].
قَالَ:قُلْتُ:وَ مَا السُّبْحَةُ،جُعِلْتُ فِدَاكَ؟فَأَوْمَأَ بِوَجْهِهِ إِلَى الْأَرْضِ،وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى السَّمَاءِ،وَ هُوَ يَقُولُ:«جَلاَلُ رَبِّي جَلاَلُ رَبِّي»ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
[قَالَ]:«قَالَ:يَا مُحَمَّدُ،قُلْتُ:لَبَّيْكَ يَا رَبِّ،قَالَ:فِيمَ اخْتَصَمَ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟قُلْتُ:سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لِي إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنِي،قَالَ:فَوَضَعَ يَدَهُ-أَيْ يَدَ الْقُدْرَةِ-بَيْنَ ثَدْيَيَّ،فَوَجَدْتُ بَرْدَهَا بَيْنَ كِتْفَيَّ،[قَالَ:]فَلَمْ يَسْأَلْنِي عَمَّا مَضَى،وَ لاَ عَمَّا بَقِيَ إِلاَّ أُعْلِمْتُهُ [3]،قَالَ:يَا مُحَمَّدُ فِيمَ اخْتَصَمَ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟قَالَ:قُلْتُ:يَا رَبِّ،فِي الدَّرَجَاتِ،وَ الْكَفَّارَاتِ، وَ الْحَسَنَاتِ،فَقَالَ:يَا مُحَمَّدُ،قَدِ انْقَضَتْ نُبُوَّتُكَ،وَ انْقَطَعَ أَجَلُكَ [4]،فَمَنْ وَصِيُّكَ؟[فَقُلْتُ:يَا رَبِّ،قَدْ بَلَوْتُ خَلْقَكَ،فَلَمْ أَرَ مِنْ خَلْقِكَ أَحَداً أَطْوَعَ لِي مِنْ عَلِيٍّ.فَقَالَ:وَ لِي يَا مُحَمَّدُ].وَ قُلْتُ:يَا رَبِّ،إِنِّي قَدْ بَلَوْتُ خَلْقَكَ،فَلَمْ أَرَ فِي خَلْقِكَ أَحَداً أَشَدَّ حُبّاً لِي مِنْ عَلِيٍّ،قَالَ:وَ لِي يَا مُحَمَّدُ،فَبَشِّرْهُ بِأَنَّهُ رَايَةُ الْهُدَى،وَ إِمَامُ أَوْلِيَائِي،وَ نُورٌ لِمَنْ أَطَاعَنِي،وَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمْتُهَا الْمُتَّقِينَ،مَنْ أَحَبَّهُ أَحَبَّنِي،وَ مَنْ أَبْغَضَهُ أَبْغَضَنِي،مَعَ مَا أَنِّي أَخُصُّهُ بِمَا لَمْ أَخُصَّ بِهِ أَحَداً،فَقُلْتُ:يَا رَبِّ،أَخِي وَ صَاحِبِي وَ وَزِيرِي وَ وَارِثِي.فَقَالَ:إِنَّهُ أَمْرٌ قَدْ سَبَقَ.إِنَّهُ مُبْتَلًى وَ مُبْتَلًى بِهِ،مَعَ مَا أَنِّي قَدْ نَحَلْتُهُ وَ نَحَلْتُهُ وَ نَحَلْتُهُ،وَ نَحَلْتُهُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ عَقَدَهَا بِيَدِهِ وَ لاَ يُفْصِحُ بِهَا عَقْدَهَا».
ثُمَّ حَكَى خَبَرَ إِبْلِيسَ،فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِذْ قٰالَ رَبُّكَ لِلْمَلاٰئِكَةِ إِنِّي خٰالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ .
وَ قَدْ كَتَبْنَا خَبَرَ آدَمَ وَ إِبْلِيسَ فِي مَوْضِعِهِ [5].
99-/9136 _5- قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ،قَالَ:حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ
[1] الإسراء 17:1.
[2] سبحات اللّه:جلاله و عظمته،و هي في الأصل جمع سبحة،و قيل:أضواء وجهه.«النهاية 2:332».
[3] في المصدر:علمته.
[4] في«ط»:أكلك.
[5] تقدم في تفسير الآية(34)من سورة البقرة.