وَ قَالَ لَهُ:قَدْ أَمِنْتَ مِنْ أَنْ أَعْرِضَ لَهَا،أَوْ لِشَيْءٍ مِمَّا مَعَكَ،فَانْطَلِقْ حَيْثُ شِئْتَ،وَ لَكِنْ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ؟فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):مَا هِيَ؟قَالَ لَهُ:أُحِبُّ أَنْ تَأْذَنَ لِي أَنْ أُخْدِمَهَا قِبْطِيَّةً عِنْدِي،جَمِيلَةً عَاقِلَةً تَكُونُ لَهَا خَادِمَةً قَالَ:
فَأَذِنَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،فَدَعَا بِهَا فَوَهَبَهَا لِسَارَةَ،وَ هِيَ هَاجَرُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ).
فَسَارَ إِبْرَاهِيمُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)بِجَمِيعِ مَا مَعَهُ،وَ خَرَجَ الْمَلِكُ مَعَهُ يَمْشِي خَلْفَ إِبْرَاهِيمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،إِعْظَاماً لِإِبْرَاهِيمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)وَ هَيْبَةً لَهُ،فَأَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِلَى إِبْرَاهِيمَ:أَنْ قِفْ،وَ لاَ تَمْشِ قُدَّامَ الْجَبَّارِ الْمُتَسَلِّطِ وَ يَمْشِي هُوَ خَلْفَكَ،وَ لَكِنِ اجْعَلْهُ أَمَامَكَ وَ امْشِ خَلْفَهُ،وَ عَظِّمْهُ،وَ هَبْهُ،فَإِنَّهُ مُسَلَّطٌ،وَ لاَ بُدَّ مِنْ إِمْرَةٍ فِي الْأَرْضِ بَرَّةٍ أَوْ فَاجِرَةٍ.
فَوَقَفَ إِبْرَاهِيمُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،وَ قَالَ لِلْمَلِكِ:اِمْضِ،فَإِنَّ إِلَهِي أَوْحَى إِلَيَّ السَّاعَةَ أَنْ أُعَظِّمَكَ وَ أَهَابَكَ،وَ أَنْ أُقَدِّمَكَ أَمَامِي وَ أَمْشِيَ خَلْفَكَ،إِجْلاَلاً لَكَ.فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ:أَوْحَى إِلَيْكَ بِهَذَا؟فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):نَعَمْ.فَقَالَ الْمَلِكُ:أَشْهَدُ أَنَّ إِلَهَكَ لَرَفِيقٌ،حَلِيمٌ،كَرِيمٌ،وَ أَنَّكَ تُرَغِّبُنِي فِي دِينِكَ.
قَالَ:وَ وَدَّعَهُ الْمَلِكُ،وَ سَارَ إِبْرَاهِيمُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)حَتَّى نَزَلَ بِأَعْلَى الشَّامَاتِ،وَ خَلَّفَ لُوطاً(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فِي أَدْنَى الشَّامَاتِ،ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)لَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ الْوَلَدُ،قَالَ لِسَارَةَ:لَوْ شِئْتَ لَبِعْتَنِي هَاجَرَ،لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنَا مِنْهَا وَلَداً،فَيَكُونَ لَنَا خَلَفاً.فَابْتَاعَ إِبْرَاهِيمُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)هَاجَرَ مِنْ سَارَةَ،فَوَقَعَ عَلَيْهَا،فَوَلَدَتْ إِسْمَاعِيلَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)».
99-/9008 _2- الطَّبْرِسِيُّ فِي(الْإِحْتِجَاجِ):عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)-فِي حَدِيثٍ لَهُ فِي سُؤَالِ زِنْدِيقٍ عَنْ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ-قَالَ لَهُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): «وَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَكُونُ تَأْوِيلُهُ عَلَى غَيْرِ تَنْزِيلِهِ،وَ لاَ يُشْبِهُ تَأْوِيلُهُ بِكَلاَمِ الْبَشَرِ [1]، وَ لاَ فِعْلِ الْبَشَرِ،وَ سَأُنَبِّئُكَ بِمِثَالٍ لِذَلِكَ تَكْتَفِي بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى،وَ هُوَ حِكَايَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، حَيْثُ قَالَ: إِنِّي ذٰاهِبٌ إِلىٰ رَبِّي تَوَجُّهُهُ إِلَيْهِ فِي عِبَادَتِهِ [2]،وَ اجْتِهَادُهُ،أَ لاَ تَرَى أَنَّ تَأْوِيلَهُ غَيْرُ تَنْزِيلِهِ؟».
قوله تعالى:
رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصّٰالِحِينَ* فَبَشَّرْنٰاهُ بِغُلاٰمٍ حَلِيمٍ* فَلَمّٰا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قٰالَ يٰا بُنَيَّ إِنِّي أَرىٰ فِي الْمَنٰامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مٰا ذٰا تَرىٰ -إلى قوله تعالى- وَ ظٰالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ [100-113]
99-/9009 _1- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ:عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ،عَنْ أَبِيهِ،وَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى،عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ،
[1] في«ط»:يشبه تأويل الكلام البشر.
[2] في«ط»:توجيه عبادته إليه.