لَهُمُ،الْمُدَّعِينَ لِمَنْزِلَتِهِمْ فِي أَسْفَلِ دَرْكٍ مِنْهَا،كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا،وَ كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بُدِّلُوا سِوَاهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ.يَا آدَمُ،وَ يَا حَوَّاءُ،لاَ تَنْظُرَا إِلَى أَنْوَارِي وَ حُجَجِي بِعَيْنِ الْحَسَدِ فَأُهْبِطُكُمَا مِنْ جِوَارِي، وَ أُحِلُّ بِكُمَا هَوَانِي.
فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا،وَ قَالَ:مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ،أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ،وَ قَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ،فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ،وَ حَمَلَهُمَا عَلَى تَمَنِّي مَنْزِلَتِهِمْ،فَنَظَرَا إِلَيْهِمْ بِعَيْنِ الْحَسَدِ،فَخُذِلاَ حَتَّى أَكَلاَ مِنْ شَجَرَةِ الْحِنْطَةِ،فَعَادَ مَكَانَ مَا أَكَلاَ شَعِيراً-فَأَصْلُ الْحِنْطَةِ كُلِّهَا مِمَّا لَمْ يَأْكُلاَهُ،وَ أَصْلُ الشَّعِيرِ كُلِّهِ مِمَّا عَادَ مَكَانَ مَا أَكَلاَهُ-فَلَمَّا أَكَلاَ مِنَ الشَّجَرَةِ طَارَ الْحُلِيُّ وَ الْحُلَلُ عَنْ أَجْسَادِهِمَا،وَ بَقِيَا عُرْيَانَيْنِ وَ طَفِقٰا يَخْصِفٰانِ عَلَيْهِمٰا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ نٰادٰاهُمٰا رَبُّهُمٰا أَ لَمْ أَنْهَكُمٰا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُمٰا إِنَّ الشَّيْطٰانَ لَكُمٰا عَدُوٌّ مُبِينٌ* قٰالاٰ رَبَّنٰا ظَلَمْنٰا أَنْفُسَنٰا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنٰا وَ تَرْحَمْنٰا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخٰاسِرِينَ* قٰالَ اهْبِطُوا [1]مِنْ جِوَارِي،فَلاَ يُجَاوِرُنِي فِي جَنَّتِي مَنْ يَعْصِينِي،فَاهْبِطَا مَوْكُولَيْنِ إِلَى أَنْفُسِهِمَا فِي طَلَبِ الْمَعَاشِ.
فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمَا جَاءَهُمَا جَبْرَئِيلُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،فَقَالَ لَهُمَا:إِنَّكُمَا إِنَّمَا ظَلَمْتُمَا أَنْفُسَكُمَا بِتَمَنِّي مَنْزِلَةِ مَنْ فُضِّلَ عَلَيْكُمَا،فَجَزَاؤُكُمَا مَا قَدْ عُوقِبْتُمَا بِهِ مِنَ الْهُبُوطِ مِنْ جِوَارِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى أَرْضِهِ،فَاسْأَلاَ رَبَّكُمَا بِحَقِّ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي رَأَيْتُمُوهَا عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ،حَتَّى يَتُوبَ عَلَيْكُمَا.فَقَالاَ:اَللَّهُمَّ،إِنَّا نَسْأَلُكَ بِحَقِّ الْأَكْرَمِينَ عَلَيْكَ:مُحَمَّدٍ،وَ عَلِيٍّ،وَ فَاطِمَةَ،وَ الْحَسَنِ،وَ الْحُسَيْنِ،وَ الْأَئِمَّةِ(عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)إِلاَّ تُبْتَ عَلَيْنَا،وَ رَحِمْتَنَا.فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا،إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.
فَلَمْ يَزَلْ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ يَحْفَظُونَ هَذِهِ الْأَمَانَةَ،وَ يُخْبِرُونَ بِهَا أَوْصِيَاءَهُمْ،وَ الْمُخْلَصِينَ مِنْ أُمَمِهِمْ فَيَأْبَوْنَ حَمْلَهَا،وَ يُشْفِقُونَ مِنِ ادِّعَائِهَا،وَ حَمَلَهَا الْإِنْسَانُ الَّذِي قَدْ عُرِفَ،فَأَصْلُ كُلِّ ظُلْمٍ مِنْهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ،وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنّٰا عَرَضْنَا الْأَمٰانَةَ عَلَى السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبٰالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهٰا وَ أَشْفَقْنَ مِنْهٰا وَ حَمَلَهَا الْإِنْسٰانُ إِنَّهُ كٰانَ ظَلُوماً جَهُولاً ».
/8734 _3-و
عَنْهُ،قَالَ:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)،قَالَ:حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ،عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى،عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ،عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ،عَنْ أَبِي بَصِيرٍ،قَالَ:
سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنّٰا عَرَضْنَا الْأَمٰانَةَ عَلَى السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبٰالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهٰا وَ أَشْفَقْنَ مِنْهٰا وَ حَمَلَهَا الْإِنْسٰانُ إِنَّهُ كٰانَ ظَلُوماً جَهُولاً ،قَالَ:«الْأَمَانَةُ:اَلْوَلاَيَةُ،وَ الْإِنْسَانُ:هُوَ أَبُو الشُّرُورِ الْمُنَافِقُ».
/8735 _4-و
عَنْهُ،قَالَ:حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَمْدَانِيُّ،قَالَ:حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،عَنْ أَبِيهِ،عَنْ
[1] الأعراف 7:22-24.