فَلَمَّا عَادَ زَيْدٌ إِلَى مَنْزِلِهِ أَخْبَرَتْهُ امْرَأَتُهُ بِمَجِيءِ الرَّسُولِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ قَوْلِهِ لَهَا:سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَكِ،فَلَمْ يَعْلَمْ زَيْدٌ مَا أَرَادَ بِذَلِكَ،فَظَنَّ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِمَا أَعْجَبَهُ مِنْ حُسْنِهَا،فَجَاءَ إِلَيَّ النَّبِيُّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،فَقَالَ لَهُ:يَا رَسُولَ اللَّهِ،إِنَّ امْرَأَتِي فِي خُلُقِهَا سُوءٌ،وَ إِنِّي أُرِيدُ طَلاَقَهَا.فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ،وَ اتَّقِ اللَّهَ.وَ قَدْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى عَرَّفَهُ عَدَدَ أَزْوَاجِهِ،وَ أَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ مِنْهُنَّ،فَأَخْفَى ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ،وَ لَمْ يُبْدِهِ لِزَيْدٍ،وَ خَشِيَ النَّاسَ أَنْ يَقُولُوا:إِنَّ مُحَمَّداً(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)يَقُولُ لِمَوْلاَهُ:إِنَّ امْرَأَتَكَ سَتَكُونُ لِي زَوْجَةً،فَيَعِيبُونَهُ بِذَلِكَ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللّٰهُ عَلَيْهِ يَعْنِي بِالْإِسْلاَمِ وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ يَعْنِي بِالْعِتْقِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتَّقِ اللّٰهَ وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللّٰهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النّٰاسَ وَ اللّٰهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشٰاهُ ،ثُمَّ إِنَّ زَيْدَ بْنِ حَارِثَةَ طَلَّقَهَا،وَ اعْتَدَّتْ مِنْهُ، فَزَوَّجَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ أَنْزَلَ بِذَلِكَ قُرْآناً،فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلَمّٰا قَضىٰ زَيْدٌ مِنْهٰا وَطَراً زَوَّجْنٰاكَهٰا لِكَيْ لاٰ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوٰاجِ أَدْعِيٰائِهِمْ إِذٰا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَ كٰانَ أَمْرُ اللّٰهِ مَفْعُولاً ،ثُمَّ عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ سَيَعِيبُونَهُ بِتَزْوِيجِهَا،فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: مٰا كٰانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمٰا فَرَضَ اللّٰهُ لَهُ ».
فَقَالَ الْمَأْمُونُ:لَقَدْ شَفَيْتَ [1] صَدْرِي-يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ-وَ أَوْضَحْتَ لِي مَا كَانَ مُلْتَبِساً عَلَيَّ،فَجَزَاكَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أَنْبِيَائِهِ،وَ عَنِ الْإِسْلاَمِ خَيْراً.
/8648 _3-الطبرسيّ:قيل:الذي أخفاه في نفسه:أن اللّه سبحانه أعلمه أنّها ستكون من أزواجه،و أن زيدا سيطلقها،
فَلَمَّا جَاءَ زَيْدٌ،وَ قَالَ:إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُطَلِّقَ زَيْنَبَ،قَالَ لَهُ:«أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ».فَقَالَ سُبْحَانَهُ:«لِمَ قُلْتَ:
أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ،وَ قَدْ أَعْلَمْتُكَ أَنَّهَا سَتَكُونُ مِنْ أَزْوَاجِكِ؟». قَالَ:وَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ(عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)، و هذا التأويل مطابق لتلاوة الآية.
و قد تقدمت رواية أخرى في ذلك،في قوله تعالى: وَ مٰا جَعَلَ أَدْعِيٰاءَكُمْ أَبْنٰاءَكُمْ [2].
قوله تعالى:
مٰا كٰانَ مُحَمَّدٌ أَبٰا أَحَدٍ مِنْ رِجٰالِكُمْ وَ لٰكِنْ رَسُولَ اللّٰهِ وَ خٰاتَمَ النَّبِيِّينَ [40] /8649 _1-علي بن إبراهيم،قال:هذه نزلت في شأن زيد بن حارثة،قالت قريش:يعيرنا محمّد أن يدعي
[1] في«ط»نسخة بدل:شرحت.
[2] تقدّم في الحديث(1)من تفسير الآيتين(4 و 5)من هذه السورة.