عَلَيْكَ؟فَقَالَ:قُولُوا:اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ.فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْنَا مَعَ الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فَرِيضَةً وَاجِبَةٌ.
وَ أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى خُمْسَ الْغَنِيمَةِ لِرَسُولِهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ أَوْجَبَهَا لَهُ فِي كِتَابِهِ،وَ أَوْجَبَ لَنَا مِنْ ذَلِكَ مَا أَوْجَبَ لَهُ،وَ حَرَّمَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةَ،وَ حَرَّمَهَا عَلَيْنَا مَعَهُ،فَأَدْخَلَنَا-وَ لَهُ الْحَمْدُ-فِيمَا أَدْخَلَ فِيهِ نَبِيَّهُ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ أَخْرَجَنَا وَ نَزَّهَنَا مِمَّا أَخْرَجَهُ مِنْهُ وَ نَزَّهَهُ عَنْهُ،كَرَامَةً أَكْرَمَنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا،وَ فَضِيلَةً فَضَّلَنَا بِهَا عَلَى سَائِرِ الْعِبَادِ،فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمُحَمَّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)حِينَ جَحَدَهُ كَفَرَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَ حَاجُّوهُ: فَقُلْ تَعٰالَوْا نَدْعُ أَبْنٰاءَنٰا وَ أَبْنٰاءَكُمْ وَ نِسٰاءَنٰا وَ نِسٰاءَكُمْ وَ أَنْفُسَنٰا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّٰهِ عَلَى الْكٰاذِبِينَ [1]،فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)مِنَ الْأَنْفُسِ مَعَهُ أَبِي،وَ مِنَ الْبَنِينَ أَنَا وَ أَخِي،وَ مِنَ النِّسَاءِ فَاطِمَةَ أُمِّي مِنَ النَّاسِ جَمِيعاً،فَنَحْنُ أَهْلُهُ،وَ لَحْمُهُ،وَ دَمُهُ، وَ نَفْسُهُ،وَ نَحْنُ مِنْهُ،وَ هُوَ مِنَّا.
وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّمٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ،فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ التَّطْهِيرِ جَمَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)أَنَا،وَ أَخِي،وَ أُمِّي،وَ أَبِي،فَجَلَّلَنَا وَ نَفْسَهُ فِي كِسَاءٍ لِأُمِّ سَلَمَةَ خَيْبَرِيٍّ،وَ ذَلِكَ فِي حُجْرَتِهَا،وَ فِي يَوْمِهَا،فَقَالَ:اَللَّهُمَّ،هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي،وَ هَؤُلاَءِ أَهْلِي وَ عِتْرَتِي،فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ،وَ طَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً.فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا):أَدْخُلُ مَعَهُمْ،يَا رَسُولَ اللَّهِ؟فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):يَرْحَمُكِ اللَّهُ،أَنْتِ عَلَى خَيْرٍ،وَ إِلَى خَيْرٍ،وَ مَا أَرْضَانِي عَنْكِ!وَ لَكِنَّهَا خَاصَّةٌ لِي وَ لَهُمْ.
ثُمَّ مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)بَعْدَ ذَلِكَ بَقِيَّةَ عُمُرِهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ يَأْتِينَا فِي كُلِّ يَوْمٍ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَيَقُولُ:اَلصَّلاَةَ،يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ إِنَّمٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً .
وَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)بِسَدِّ الْأَبْوَابِ الشَّارِعَةِ فِي مَسْجِدِهِ غَيْرَ بَابِنَا،فَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ،فَقَالَ:أَمَا إِنِّي لَمْ أَسُدَّ أَبْوَابَكُمْ وَ أَفْتَحَ بَابَ عَلِيٍّ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي،وَ لَكِنْ أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ،وَ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِسَدِّهَا وَ فَتْحِ بَابِهِ،فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ يُولَدُ فِيهِ الْأَوْلاَدَ،غَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ وَ أَبِي(عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)،تَكْرِمَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَنَا،وَ فَضْلاً اخْتَصَّنَا بِهِ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ.
وَ هَذَا بَابُ أَبِي قَرِينُ بَابِ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فِي مَسْجِدِهِ،وَ مَنْزِلُنَا بَيْنَ مَنَازِلِ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدَهُ،فَبَنَى [2] فِيهِ عَشَرَةَ أَبْيَاتٍ،تِسْعَةً لِبَنِيهِ وَ أَزْوَاجِهِ،وَ عَاشِرَهَا -وَ هُوَ مُتَوَسِّطُهَا-لِأَبِي،فَهَا هُوَ بِسَبِيلٍ مُقِيمٍ،وَ الْبَيْتُ هُوَ الْمَسْجِدُ الْمُطَهَّرُ،وَ هُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَهْلَ الْبَيْتِ ،فَنَحْنُ أَهْلُ الْبَيْتِ،وَ نَحْنُ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنَّا الرِّجْسَ،وَ طَهَّرَنَا تَطْهِيراً.أَيُّهَا النَّاسُ،إِنِّي لَوْ قُمْتُ حَوْلاً فَحَوْلاً أَذْكُرُ الَّذِي أَعْطَانَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ،وَ خَصَّنَا بِهِ مِنَ الْفَضْلِ فِي كِتَابِهِ وَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)لَمْ أُحْصِهِ،وَ أَنَا ابْنُ النَّذِيرِ الْبَشِيرِ،وَ السِّرَاجِ الْمُنِيرِ،الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ،وَ أَبِي عَلِيٌّ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ،وَ شَبِيهُ هَارُونَ.
[1] آل عمران 3:61.
[2] في«ج»:فيبني.