اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)الْوَلاَيَةَ بِالْمُؤْمِنِينَ [1] مِنْ أَنْفُسِهِمْ،وَ هُوَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)بِغَدِيرِ خُمٍّ:
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ،أَ لَسْتُ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ؟»قَالُوا:بَلَى.ثُمَّ أَوْجَبَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)مَا أَوْجَبَهُ لِنَفْسِهِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْوَلاَيَةِ،فَقَالَ:«أَلاَ مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ».
فَلَمَّا جَعَلَ اللَّهُ النَّبِيَّ أَباً لِلْمُؤْمِنِينَ أَلْزَمَهُ مَؤُونَتَهُمْ،وَ تَرْبِيَةَ أَيْتَامِهِمْ،فَعِنْدَ ذَلِكَ صَعِدَ النَّبِيُّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)الْمِنْبَرَ، فَقَالَ:«مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ،وَ مَنْ تَرَكَ دَيْناً،أَوْ ضَيَاعاً فَعَلَيَّ وَ إِلَيَّ».فَأَلْزَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)لِلْمُؤْمِنِينَ مَا يُلْزِمُ الْوَالِدَ،وَ أَلْزَمَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الطَّاعَةِ لَهُ مَا يُلْزِمُ الْوَلَدَ لِلْوَالِدِ،وَ كَذَلِكَ أَلْزَمَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)مَا أَلْزَمَ رَسُولَ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)مِنْ ذَلِكَ،وَ بَعْدَهُ الْأَئِمَّةَ(عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)وَاحِداً وَاحِداً،وَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)وَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)هُمَا الْوَالِدَانِ:قَوْلُهُ: وَ اعْبُدُوا اللّٰهَ وَ لاٰ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوٰالِدَيْنِ إِحْسٰاناً [2]فَالْوَالِدَانِ:
رَسُولُ اللَّهِ،وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا).
وَ قَالَ الصَّادِقُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«وَ كَانَ إِسْلاَمُ عَامَّةِ الْيَهُودِ بِهَذَا السَّبَبِ،لِأَنَّهُمْ أَمِنُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ عِيَالاَتِهِمْ».
/8542 _21-قال:و قوله: وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ قال:نزلت في الإمامة.
قوله تعالى:
وَ إِذْ أَخَذْنٰا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثٰاقَهُمْ وَ مِنْكَ وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْرٰاهِيمَ وَ مُوسىٰ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَ أَخَذْنٰا مِنْهُمْ مِيثٰاقاً غَلِيظاً [7]
99-/8543 _1- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،قَالَ:حَدَّثَنِي أَبِي،عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ،عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ،عَنِ ابْنِ سِنَانٍ،قَالَ:
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): «أَوَّلُ مَنْ سَبَقَ إِلَى الْمِيثَاقِ رَسُولُ اللَّهِ [3](صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ أَقْرَبَ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى،وَ كَانَ بِالْمَكَانِ الَّذِي قَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ:تَقَدَّمْ-يَا مُحَمَّدُ-فَقَدْ وَطِئْتَ مَوْطِئاً لَمْ يَطَأْهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ،وَ لاَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ،وَ لَوْلاَ أَنَّ رُوحَهُ وَ نَفْسَهُ كَانَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ لَمَا قُدِّرَ أَنْ يَبْلُغَهُ،فَكَانَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قٰابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنىٰ [4]،أَيْ بَلْ أَدْنَى،فَلَمَّا خَرَجَ الْأَمْرُ،وَقَعَ مِنَ اللَّهِ [5] إِلَى
[1] في المصدر:على المؤمنين.
[2] النساء 4:36.
[3] في المصدر:سبق من الرسل إلى بلى محمّد.
[4] النجم 53:9.
[5] في المصدر:الأمر من اللّه وقع.