جُلُوساً،وَ هُمْ ثَلاَثَةُ إِخْوَةٍ،فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلاَمَ،وَ حَذَّرَهُمْ مِنَ النَّارِ،وَ غَضَبِ الْجَبَّارِ،فَقَالَ بَعْضُهُمْ:أَنَا أَسْرِقُ ثِيَابَ الْكَعْبَةِ،إِنْ كَانَ بَعَثَكَ اللَّهُ نَبِيّاً.قَالَ آخَرُ:يَا مُحَمَّدُ،أَ عَجَزَ اللَّهُ أَنْ يُرْسِلَ غَيْرَكَ!وَ قَالَ الْآخَرُ:لاَ تُكَلِّمُوهُ،إِنْ كَانَ رَسُولاً مِنَ اللَّهِ كَمَا يَزْعُمُ،فَهُوَ أَعْظَمُ قَدْراً مِنْ أَنْ يُكَلِّمَنَا،وَ إِنْ كَانَ كَاذِباً عَلَى اللَّهِ،فَهُوَ أَسْرَفَ بِكَلاَمِهِ.وَ جَعَلُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ، فَجَعَلَ يَمْشِي،كُلَّمَا وَضَعَ قَدَماً،وَضَعُوا لَهُ صَخْرَةً،فَمَا فَرَغَ مِنْ أَرْضِهِمْ إِلاَّ وَ قَدَمَاهُ تَشْخُبُ دَماً،فَعَمَدَ لِحَائِطٍ مِنْ كُرُومِهِمْ،وَ جَلَسَ مَكْرُوباً،فَقَالَ:«اللَّهُمَّ،إِنِّي أَشْكُوا إِلَيْكَ غُرْبَتِي،وَ كُرْبَتِي،وَ هَوَانِي عَلَى النَّاسِ،يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ،أَنْتَ رَبُّ الْمَكْرُوبِينَ،اللَّهُمَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ عَلَيَّ غَضَبٌ فَلاَ أُبَالِي،وَ لَكِنَّ عَافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِكَ مِنْ سَخَطِكَ،وَ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ،وَ بِكَ مِنْكَ،لاَ أُحْصِي الثَّنَاءَ عَلَيْكَ،أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ، لَكَ الْحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى،وَ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ».
قِيلَ:وَ كَانَ فِي الْكَرْمِ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ،وَ شَيْبَةُ،فَكَرِهَ أَنْ يَأْتِيَهُمَا،لِمَا يَعْلَمُ مِنْ عَدَاوَتِهِمَا،فَقَالاَ لِغُلاَمٍ لَهُمَا،يُقَالُ لَهُ عَدَّاسٌ:خُذْ قِطْفَيْنِ مِنَ الْعِنَبِ،وَ قَدَحاً مِنَ الْمَاءِ،وَ اذْهَبْ بِهِمَا إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ،وَ إِنَّهُ سَيَسْأَلُكَ:أَ هَدِيَّةٌ،أَمْ صَدَقَةٌ؟فَإِنْ قُلْتُ صَدَقَةٌ،لَمْ يَقْبَلْهَا،بَلْ قُلْ:هَدِيَّةٌ.فَمَضَى،وَ وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ،فَقَالَ:«هَدِيَّةٌ،أَمْ صَدَقَةٌ؟»فَقَالَ:
هَدِيَّةٌ.فَمَدَّ يَدَهُ،وَ قَالَ:«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»وَ كَانَ عَدَّاسٌ نَصْرَانِيّاً،فَلَمَّا سَمِعَهُ تَعَجَّبَ مِنْهُ،وَ صَارَ يَنْظُرُهُ،فَقَالَ لَهُ:«يَا عَدَّاسٌ،مِنْ أَيْنَ؟»قَالَ:مِنْ أَهْلِ نَيْنَوَى.قَالَ:«مِنْ مَدِينَةِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ أَخِي يُونُسَ بْنَ مَتَّى؟»قَالَ:وَ مَنْ أَعْلَمَكَ؟فَأَخْبَرَهُ بِقِصَّتِهِ،وَ بِمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ.فَقَالَ:وَ مَنْ قَبْلَهُ؟فَقَالَ:«نُوحٌ وَ لُوطٌ»وَ أَخْبَرَهُ بِالْقِصَّةِ فَخَرَّ سَاجِداً لِلَّهِ، وَ جَعَلَ يُقَبِّلُ يَدَيْهِ،وَ أَسْيَادُهُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ،فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ:سَحَرَ غُلاَمَكَ.فَلَمَّا أَتَاهُمَا،قَالاَ لَهُ:مَا شَأْنُكَ، سَجَدْتَ وَ قَبَّلْتَ يَدَيْهِ!فَقَالَ:يَا أَسْيَادِي،مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَشْرَفُ،وَ لاَ أَلْطَفُ،وَ لاَ أَخْيَرُ مِنْهُ.قَالُوا:وَ لِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ:حَدَّثَنِي بِأَنْبِيَاءَ مَاضِيَةٍ،وَ نَبِيِّنَا يُونُسُ بْنِ مَتَّي.فَقَالاَ:يَا وَيْلَكَ،فَتَنَكَ عَنْ دِينِكَ؟فَقَالَ:وَ اللَّهِ إِنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ.قَالاَ لَهُ:وَيْحَكَ،عَزَمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى قَتْلِهِ،فَقَالَ،هُوَ وَ اللَّهِ يَقْتُلُهُمُ وَ يَسُودُهُمْ وَ يَشْرُفُهُمْ،إِنْ تَبِعُوهُ دَخَلُوا الْجَنَّةَ،وَ خَابَ مَنْ لاَ يَتْبَعُهُ.فَقَامَا يُرِيدَانِ ضَرْبَهُ،فَرَكَضَ لِلنَّبِيِّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)وَ أَسْلَمَ.
قوله تعالى:
وَ قٰالُوا مٰا لِهٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعٰامَ -إلى قوله تعالى- وَ يَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً [7-10] /7747 _1-قال عليّ بن إبراهيم:ثم حكى اللّه قولهم أيضا،فقال: وَ قٰالُوا مٰا لِهٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعٰامَ وَ يَمْشِي فِي الْأَسْوٰاقِ لَوْ لاٰ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً* أَوْ يُلْقىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهٰا ،فرد