قَالَ الرِّضَا(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«ذَلِكَ يُونُسُ بْنُ مَتَّى(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،ذَهَبَ مُغَاضِباً لِقَوْمِهِ فَظَنَّ بِمَعْنَى اسْتَيْقَنَ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ أَيْ لَنْ نُضَيِّقَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ،وَ مِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَ أَمّٰا إِذٰا مَا ابْتَلاٰهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ [1]أَيْ ضَيَّقَ وَ قَتَّرَ، فَنٰادىٰ فِي الظُّلُمٰاتِ أَيْ:ظُلْمَةِ اللَّيْلِ،وَ ظُلْمَةِ الْبَحْرِ،وَ ظُلْمَةِ بَطْنِ الْحُوتِ: أَنْ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ لِتَرْكِي مِثْلَ هَذِهِ الْعِبَادَةِ الَّتِي قَدْ فَرَّغْتَنِي لَهَا فِي بَطْنِ الْحُوتِ،فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ،وَ قَالَ تَعَالَى: فَلَوْ لاٰ أَنَّهُ كٰانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ [2]».
فَقَالَ الْمَأْمُونُ:لِلَّهِ دَرُّكَ،يَا أَبَا الْحَسَنِ.
99-/7185 _3- وَ عَنْهُ،قَالَ:حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْهَمَدَانِيُّ(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)،وَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هِشَامٍ،وَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقُ(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)،قَالُوا:حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ،قَالَ:حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَرْمَكِيُّ،قَالَ:حَدَّثَنَا أَبُو الصَّلْتِ الْهَرَوِيُّ،عَنِ الرِّضَا(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ،فِيمَا أَجَابَ بِهِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ فِي عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ،فَقَالَ لَهُ:يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ،أَ تَقُولُ بِعِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ؟فَقَالَ:«نَعَمْ،فَقُلْ مَا تَعْلَمُ»فَذَكَرَ الْآيَ،إِلَى أَنْ قَالَ:
وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ .
فَقَالَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«وَ أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ إِنَّمَا ظَنَّ-بِمَعْنَى اسْتَيْقَنَ-أَنَّ اللَّهَ لَنْ يَضِيقَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ،أَ لاَ تَسْمَعُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ أَمّٰا إِذٰا مَا ابْتَلاٰهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ [3]أَيْ ضَيَّقَ عَلَيْهِ،وَ لَوْ ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ لَكَانَ قَدْ كَفَرَ».
99-/7186 _4- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،قَالَ:حَدَّثَنِي أَبِي،عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ،عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَيَّارٍ،عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي لَيْلَتِهَا»فَقَدَتْهُ مِنَ الْفِرَاشِ،فَدَخَلَهَا مِنْ ذَلِكَ مَا يَدْخُلُ النِّسَاءَ،فَقَامَتْ تَطْلُبُهُ فِي جَوَانِبِ الْبَيْتِ،حَتَّى انْتَهَتْ إِلَيْهِ وَ هُوَ فِي جَانِبٍ مِنَ الْبَيْتِ قَائِمٌ رَافِعٌ يَدَيْهِ يَبْكِي، وَ هُوَ يَقُولُ:اَللَّهُمَّ لاَ تَنْزِعْ عَنِّي صَالِحَ مَا أَعْطَيْتَنِي أَبَداً،وَ لاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً،اللَّهُمَّ لاَ تُشْمِتْ بِي عَدُوّاً،وَ لاَ حَاسِداً أَبَداً،اللَّهُمَّ وَ لاَ تَرُدَّنِي فِي سُوءٍ اسْتَنْقَذْتَنِي مِنْهُ أَبَداً.
فَانْصَرَفَتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَبْكِي حَتَّى انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)لِبُكَائِهَا،فَقَالَ لَهَا:مَا يُبْكِيكِ،يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟ فَقَالَتْ:بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي-يَا رَسُولَ اللَّهِ-وَ لِمَ لاَ أَبْكِي وَ أَنْتَ بِالْمَكَانِ الَّذِي أَنْتَ بِهِ مِنَ اللَّهِ،وَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مَا تَأَخَّرَ،تَسْأَلُهُ أَنْ لاَ يُشْمِتَ بِكَ عَدُوّاً أَبَداً وَ أَنْ لاَ يَكِلَكَ إِلَى نَفْسِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَبَداً،وَ أَنْ لاَ يَرُدَّكَ فِي سُوءٍ اسْتَنْقَذَكَ مِنْهُ أَبَداً،وَ أَنْ لاَ يَنْزِعَ عَنْكَ صَالِحَ مَا أَعْطَاكَ أَبَداً؟ فَقَالَ:يَا أُمَّ سَلَمَةَ،وَ مَا يُؤْمِنُنِي؟وَ إِنَّمَا وَكَلَ اللَّهُ يُونُسَ بْنَ مَتَّى إِلَى نَفْسِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ فَكَانَ مِنْهُ مَا كَانَ».
[1] الفجر 89:16.
[2] الصافّات 37:143 و 144.
[3] الفجر 89:16.