لِلْبَحْرِ:اِنْفَرِجْ لِي.قَالَ:مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ.وَ قَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى:غَرَرْتَنَا وَ أَهْلَكْتَنَا،فَلَيْتَكَ تَرَكْتَنَا يَسْتَعْبِدُنَا آلُ فِرْعَوْنَ،وَ لَمْ نَخْرُجْ إِلَى أَنْ نُقْتَلَ قَتْلَةً.قَالَ:كَلاَّ،إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِي.
وَ اشْتَدَّ عَلَى مُوسَى مَا كَانَ يَصْنَعُ بِهِ عَامَّةُ قَوْمِهِ،وَ قَالُوا:يَا مُوسَى،إِنَّا لَمُدْرَكُونَ،وَ زَعَمْتَ أَنَّ الْبَحْرَ يَنْفَرِجُ لَنَا حَتَّى نَمْضِيَ وَ نَذْهَبَ،فَقَدْ رَهِقَنَا فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ،وَ هُمْ هَؤُلاَءِ نَرَاهُمْ قَدْ دَنَوْا مِنَّا.فَدَعَا مُوسَى رَبَّهُ،فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ:
أَنِ اضْرِبْ بِعَصٰاكَ الْبَحْرَ [1] فَضَرَبَهُ فَانْفَلَقَ الْبَحْرُ،فَمَضَى مُوسَى وَ أَصْحَابُهُ حَتَّى قَطَعُوا الْبَحْرَ،وَ أَدْرَكَهُمْ آلُ فِرْعَوْنَ،فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى الْبَحْرِ،قَالُوا لِفِرْعَوْنَ:مَا تَعْجَبُ مِمَّا تَرَى؟قَالَ:أَنَا فَعَلْتُ هَذَا.فَمَرُّوا وَ مَضَوْا فِيهِ،فَلَمَّا تَوَسَّطَ فِرْعَوْنُ وَ مَنْ مَعَهُ أَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَأَطْبَقَ عَلَيْهِمْ،فَأَغْرَقَهُمْ أَجْمَعِينَ،فَلَمَّا أَدْرَكَ فِرْعَوْنَ الْغَرَقُ قٰالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرٰائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُ اللَّهُ: آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ يَقُولُ:كُنْتَ مِنَ الْعَاصِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ -قَالَ-إِنَّ قَوْمَ فِرْعَوْنَ ذَهَبُوا أَجْمَعِينَ فِي الْبَحْرِ،فَلَمْ يُرَ مِنْهُمْ أَحَدٌ،هَوَوْا فِي الْبَحْرِ إِلَى النَّارِ،وَ أَمَّا فِرْعَوْنُ فَنَبَذَهُ اللَّهُ وَحْدَهُ فَأَلْقَاهُ بِالسَّاحِلِ لِيَنْظُرُوا إِلَيْهِ وَ لِيَعْرِفُوهُ،لِيَكُونَ لِمَنْ خَلْفَهُ آيَةً،وَ لِئَلاَّ يَشُكَّ أَحَدٌ فِي هَلاَكِهِ،لِأَنَّهُمْ كَانُوا اتَّخَذُوهُ رَبّاً،فَأَرَاهُمُ اللَّهُ إِيَّاهُ جِيفَةً مُلْقَاةً بِالسَّاحِلِ،لِيَكُونَ لِمَنْ خَلْفَهُ عِبْرَةً وَ عِظَةً،يَقُولُ اللَّهُ: وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ النّٰاسِ عَنْ آيٰاتِنٰا لَغٰافِلُونَ ».
99-/4961 _2- وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ:قَالَ الصَّادِقُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): «مَا أَتَى جَبْرَئِيلُ رَسُولَ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)إِلاَّ كَئِيباً حَزِيناً،وَ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ مُنْذُ أَهْلَكَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ،فَلَمَّا أَمَرَهُ اللَّهُ بِنُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ: آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ نَزَلَ عَلَيْهِ وَ هُوَ ضَاحِكٌ مُسْتَبْشِرٌ،فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)مَا أَتَيْتَنِي-يَا جَبْرَئِيلُ-إِلاَّ وَ تَبَيَّنْتُ الْحُزْنَ فِي وَجْهِكَ حَتَّى السَّاعَةِ؟قَالَ:نَعَمْ-يَا مُحَمَّدُ-لَمَّا أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَوْنَ قَالَ:آمَنْتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ،فَأَخَذْتُ حَمْأَةً [2] فَوَضَعْتُهَا فِي فِيهِ،ثُمَّ قُلْتُ لَهُ:آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ؟!وَ عَمِلْتَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ اللَّهِ،خِفْتُ أَنْ تَلْحَقَهُ الرَّحْمَةُ مِنَ اللَّهِ،وَ يُعَذِّبَنِي عَلَى مَا فَعَلْتُ،فَلَمَّا كَانَ الْآنَ وَ أَمَرَنِيَ اللَّهُ أَنْ أُؤَدِّيَ إِلَيْكَ مَا قُلْتُهُ أَنَا لِفِرْعَوْنَ،أَمِنْتُ وَ عَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِلَّهِ رِضًا».
وَ قَالَ أَيْضاً،فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ :«فَإِنَّ مُوسَى(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)أَخْبَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَغْرَقَ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يُصَدِّقُوهُ،فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَلَفَظَ بِهِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ حَتَّى رَأَوْهُ مَيِّتاً».
99-/4962 _3- ابْنُ بَابَوَيْهِ،قَالَ:حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عُبْدُوسٍ [3] النَّيْسَابُورِيُّ الْعَطَّارُ(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)،قَالَ:حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ النَّيْسَابُورِيُّ،عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّيْسَابُورِيِّ،قَالَ:حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ،قَالَ:
قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):لِأَيِّ عِلَّةٍ أَغْرَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِرْعَوْنَ وَ قَدْ آمَنَ بِهِ وَ أَقَرَّ بِتَوْحِيدِهِ؟
[1] الشعراء 26:62.
[2] الحمأة:الطين الأسود المنتن.«القاموس المحيط-حمأ-1:14».
[3] نسبة إلى جدّه عبدوس،و و عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس،انظر معجم رجال الحديث 11:36 و ما بعدها.