أَضَاءَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ.
وَ رُمِيَتِ الشَّيَاطِينُ بِالنُّجُومِ،وَ حُجِبُوا مِنَ السَّمَاءِ،وَ رَأَتْ قُرَيْشٌ الشُّهُبَ تَتَحَرَّكُ وَ تَزُولُ وَ تَسِيرُ فِي السَّمَاءِ فَفَزِعُوا،وَ قَالُوا:هَذَا قِيَامُ السَّاعَةِ.وَ اجْتَمَعُوا إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ،وَ كَانَ شَيْخاً كَبِيراً مُجَرَّباً،فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ،فَقَالَ:
انْظُرُوا إِلَى هَذِهِ النُّجُومِ الَّتِي تَهْتَدُونَ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ،فَإِنْ كَانَتْ قَدْ زَالَتْ فَهِيَ السَّاعَةُ،وَ إِنْ كَانَتْ ثَابِتَةً فَهُوَ لِأَمْرٍ قَدْ حَدَثَ.
وَ كَانَ بِمَكَّةَ رَجُلٌ يَهُودِيٌّ يُقَالُ لَهُ:يُوسُفُ،فَلَمَّا رَأَى النُّجُومَ تَتَحَرَّكُ وَ تَسِيرُ فِي السَّمَاءِ،خَرَجَ إِلَى نَادِي قُرَيْشٍ وَ قَالَ:يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ،هَلْ وُلِدَ اللَّيْلَةَ فِيكُمْ مَوْلُودٌ؟فَقَالُوا:لاَ،فَقَالَ:أَخْطَأْتُمْ وَ التَّوْرَاةِ،قَدْ وُلِدَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ وَ أَفْضَلُهُمْ،وَ هُوَ الَّذِي نَجِدُهُ فِي كُتُبِنَا،أَنَّهُ إِذَا وُلِدَ ذَلِكَ النَّبِيُّ رُجِمَتِ الشَّيَاطِينُ،وَ حُجِبُوا مِنَ السَّمَاءِ.فَرَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَنْزِلِهِ يَسْأَلُ أَهْلَهُ،فَقَالُوا:قَدْ وُلِدَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنٌ.فَقَالَ الْيَهُودِيُّ:اِعْرِضُوهُ عَلَيَّ.فَمَشَوْا مَعَهُ إِلَى بَابِ آمِنَةَ،فَقَالُوا لَهَا:أَخْرِجِي ابْنَكِ يَنْظُرْ إِلَيْهِ هَذَا الْيَهُودِيُّ،فَأَخْرَجَتْهُ فِي قِمَاطِهِ،فَنَظَرَ فِي عَيْنَيْهِ،وَ كَشَفَ عَنْ كَتِفِهِ،فَرَأَى شَامَةً سَوْدَاءَ عَلَيْهَا شَعَرَاتٌ،فَسَقَطَ إِلَى الْأَرْضِ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ،فَضَحِكُوا مِنْهُ،فَقَالَ:أَ تَضْحَكُونَ،يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ؟هَذَا نَبِيُّ السَّيْفِ،لَيُبِيدَنَّكُمْ،وَ ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى آخِرِ الْأَبَدِ.وَ تَفَرَّقَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ بِخَبَرِ الْيَهُودِيِّ.
فَلَمَّا رُمِيَتِ الشَّيَاطِينُ بِالنُّجُومِ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ،وَ اجْتَمَعُوا إِلَى إِبْلِيسَ،فَقَالُوا:قَدْ مُنِعْنَا مِنَ السَّمَاءِ،وَ قَدْ رُمِينَا بِالشُّهُبِ!فَقَالَ:اُطْلُبُوا،فَإِنَّ أَمْراً قَدْ حَدَثَ فِي الدُّنْيَا.فَتَفَرَّقُوا،فَرَجَعُوا،وَ قَالُوا:لَمْ نَرَ شَيْئاً.فَقَالَ إِبْلِيسُ:أَنَا لَهَا بِنَفْسِي.فَجَالَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ،حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْحَرَمِ فَرَآهُ مَحْفُوفاً بِالْمَلاَئِكَةِ،وَ جَبْرَئِيلُ عَلَى بَابِ الْحَرَمِ بِيَدِهِ حَرْبَةٌ،فَأَرَادَ إِبْلِيسُ أَنْ يَدْخُلَ،فَصَاحَ بِهِ جَبْرَئِيلُ،فَقَالَ:اِخْسَأْ يَا مَلْعُونُ.فَجَاءَ مِنْ قِبَلِ حِرَاءَ،فَصَارَ مِثْلَ الصِّرِّ [1]،ثُمَّ قَالَ:يَا جَبْرَئِيلُ حَرْفٌ أَسْأَلُكَ عَنْهُ.قَالَ:وَ مَا هُوَ؟قَالَ:مَا هَذَا،وَ مَا اجْتِمَاعُكُمْ فِي الدُّنْيَا؟فَقَالَ:نَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَدْ وُلِدَ،وَ هُوَ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ وَ أَفْضَلُهُمْ.قَالَ:هَلْ لِي فِيهِ نَصِيبٌ؟قَالَ:لاَ.قَالَ:فَفِي أُمَّتِهِ؟قَالَ:بَلَى.قَالَ:قَدْ رَضِيتُ.
99-/5818 _4- ابْنُ بَابَوَيْهِ،قَالَ:حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيُّ،قَالَ:حَدَّثَنِي أَبِي،عَنْ جَدِّهِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ،عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْبَزَنْطِيِّ،عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ،عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)قَالَ: «كَانَ إِبْلِيسُ(لَعَنَهُ اللَّهُ)يَخْتَرِقُ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ،فَلَمَّا وُلِدَ عِيسَى(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،حُجِبَ عَنْ ثَلاَثِ سَمَاوَاتٍ،وَ كَانَ يَخْتَرِقُ أَرْبَعَ سَمَاوَاتٍ،فَلَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،حُجِبَ عَنِ السَّبْعِ كُلِّهَا،وَ رُمِيَتِ الشَّيَاطِينُ بِالنُّجُومِ،وَ قَالَتْ قُرَيْشٌ:هَذَا قِيَامُ السَّاعَةِ،كُنَّا نَسْمَعُ أَهْلَ الْكُتُبِ يَذْكُرُونَهُ.وَ قَالَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ،وَ كَانَ مِنْ أَزْجَرِ [2] أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ:اُنْظُرُوا هَذِهِ النُّجُومَ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا،وَ يُعْرَفُ بِهَا أَزْمَانُ الشِّتَاءِ وَ الصَّيْفِ،فَإِنْ كَانَ رُمِيَ بِهَا،
[1] الصّرّ:طائر كالعصفور أصفر.«أقرب الموارد-صرر-:643»و في الحديث الآتي:ثمّ صار مثل الصّرّ،و هو العصفور.
[2] الزّجر:العيافة،و هو ضرب من التّكهّن.«لسان العرب-زجر-4:319».