وَ أَخَذَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ،لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحَاطُ بِكُمْ أَجْمَعِينَ،فَانْطَلَقُوا مَعَ الرِّفَاقِ حَتَّى دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ،فَقَالَ لَهُمْ:مَعَكُمْ بِنْيَامِيلُ؟قَالُوا:نَعَمْ هُوَ فِي الرَّحْلِ.قَالَ لَهُمْ:فَائْتُونِي بِهِ.
فَأَتَوْا بِهِ وَ هُوَ فِي دَارِ الْمَلِكِ.قَالَ:أَدْخِلُوهُ وَحْدَهُ.فَأَدْخَلُوهُ عَلَيْهِ،فَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَ بَكَى،وَ قَالَ لَهُ:أَنَا أَخُوكَ يُوسُفُ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا تَرَانِي أَعْمَلُ،وَ اكْتُمْ مَا أَخْبَرْتُكَ بِهِ وَ لاَ تَحْزَنْ وَ لاَ تَخَفْ.ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَيْهِمْ وَ أَمَرَ فِتْيَتَهُ أَنْ يَأْخُذُوا بِضَاعَتَهُمْ وَ يُعَجِّلُوا لَهُمُ الْكَيْلَ،فَإِذَا فَرَغُوا جَعَلُوا الْمِكْيَالَ فِي رَحْلِ بِنْيَامِيلَ،فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ.
وَ ارْتَحَلَ الْقَوْمُ مَعَ الرِّفْقَةِ فَمَضَوْا،فَلَحِقَهُمْ يُوسُفُ وَ فِتْيَتُهُ فَنَادَوْا فِيهِمْ قَالَ: أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسٰارِقُونَ* قٰالُوا وَ أَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مٰا ذٰا تَفْقِدُونَ* قٰالُوا نَفْقِدُ صُوٰاعَ الْمَلِكِ وَ لِمَنْ جٰاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ* قٰالُوا تَاللّٰهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مٰا جِئْنٰا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَ مٰا كُنّٰا سٰارِقِينَ* قٰالُوا فَمٰا جَزٰاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كٰاذِبِينَ* قٰالُوا جَزٰاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزٰاؤُهُ قَالَ: فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعٰاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهٰا مِنْ وِعٰاءِ أَخِيهِ ، قٰالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَقَالَ لَهُمْ يُوسُفُ:اِرْتَحِلُوا عَنْ بِلاَدِنَا: قٰالُوا يٰا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً وَ قَدْ أَخَذَ عَلَيْنَا مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لِنَرُدَّ بِهِ إِلَيْهِ: فَخُذْ أَحَدَنٰا مَكٰانَهُ إِنّٰا نَرٰاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ إِنْ فَعَلْتَ قٰالَ مَعٰاذَ اللّٰهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاّٰ مَنْ وَجَدْنٰا مَتٰاعَنٰا عِنْدَهُ فَقَالَ كَبِيرُهُمْ:إِنِّي لَسْتُ أَبْرَحُ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي.
وَ مَضَى إِخْوَةُ يُوسُفَ حَتَّى دَخَلُوا عَلَى يَعْقُوبَ،فَقَالَ لَهُمْ:فَأَيْنَ بِنْيَامِيلُ؟قَالُوا:بِنْيَامِيلُ سَرَقَ مِكْيَالَ الْمَلِكِ، فَأَخَذَهُ الْمَلِكُ بِسَرِقَتِهِ،فَحَبَسَ عِنْدَهُ،فَاسْأَلْ أَهْلَ الْقَرْيَةِ وَ الْعِيرَ حَتَّى يُخْبِرُوكَ بِذَلِكَ،فَاسْتَرْجَعَ وَ اسْتَعْبَرَ وَ اشْتَدَّ حُزْنُهُ،حَتَّى تَقَوَّسَ ظَهْرُهُ».
عَنْ أَبِي حَمْزَةَ،عَنْ أَبِي بَصِيرٍ،عَنْهُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)ذَكَرَ فِيهِ(بِنْيَامِينَ)وَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ(بِنْيَامِيلَ) [1].
99-/5304 _5- عَنْ أَبَانٍ الْأَحْمَرِ،عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)قَالَ: «لَمَّا دَخَلَ إِخْوَةُ يُوسُفَ عَلَيْهِ-وَ قَدْ جَاءُوا بِأَخِيهِمْ مَعَهُمْ وَضَعَ لَهُمُ الْمَوَائِدَ،ثُمَّ قَالَ:يَمْتَارُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَعَ أَخِيهِ لِأُمِّهِ عَلَى الْخِوَانِ،فَجَلَسُوا،وَ بَقِيَ أَخُوهُ قَائِماً.
فَقَالَ لَهُ:مَا لَكَ لاَ تَجْلِسُ مَعَ إِخْوَتِكَ؟قَالَ:لَيْسَ لِي مِنْهُمْ أَخٌ مِنْ أُمِّي.قَالَ:فَلَكَ أَخٌ مِنْ أُمِّكَ،زَعَمَ هَؤُلاَءِ أَنَّ الذِّئْبَ أَكَلَهُ؟قَالَ:نَعَمْ.قَالَ:فَاقْعُدْ وَ كُلْ مَعِي-قَالَ-فَتَرَكَ إِخْوَتُهُ الْأَكْلَ،وَ قَالُوا:إِنَّا نُرِيدُ أَمْراً،وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يَرْفَعَ وُلْدَ يَامِينَ عَلَيْنَا».
قَالَ:«ثُمَّ حِينَ فَرَغُوا مِنْ جِهَازِهِمْ،أَمَرَ أَنْ يُوضَعَ الصَّاعُ [2] فِي رَحْلِ أَخِيهِ،فَلَمَّا فَصَلُوا نَادَى مُنَادٍ: أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسٰارِقُونَ -قَالَ-فَرَجَعُوا،فَقَالُوا: مٰا ذٰا تَفْقِدُونَ* قٰالُوا نَفْقِدُ صُوٰاعَ الْمَلِكِ إِلَى قَوْلِهِ: جَزٰاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزٰاؤُهُ يَعْنُونَ السُّنَّةَ الَّتِي تَجْرِي فِيهِمْ،أَنْ يَحْبِسَهُ، فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعٰاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهٰا مِنْ وِعٰاءِ أَخِيهِ فَقَالُوا: إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ».
[1] تفسير العيّاشي 2:43/183.
[2] الصاع:الذي يكال به،و هو أربعة أمداد،و الصوع:لغة في الصاع،و يقال:هو إناء يشرب فيه.«الصحاح-صوع-2:1247».