-إلى قوله تعالى- وَ لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ[74-79]
99-/4636 _1- الْعَيَّاشِيُّ:عَنْ جَابِرِ بْنِ أَرْقَمَ،قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ فِي مَجْلِسٍ لَنَا وَ أَخِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ يُحَدِّثُنَا،إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ عَلَى فَرَسِهِ،عَلَيْهِ هَيْئَةُ السَّفَرِ،فَسَلَّمَ عَلَيْنَا،ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ:أَ فِيكُمْ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ؟فَقَالَ زَيْدٌ:أَنَا زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ،فَمَا تُرِيدُ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ:أَ تَدْرِي مِنْ أَيْنَ جِئْتُ؟قَالَ:لاَ.قَالَ:مِنْ فُسْطَاطِ مِصْرَ،لِأَسْأَلَكَ عَنْ حَدِيثٍ بَلَغَنِي عَنْكَ تَذْكُرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).
فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ:وَ مَا هُوَ؟قَالَ:حَدِيثُ غَدِيرِ خُمٍّ فِي وَلاَيَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ).
فَقَالَ:يَا ابْنَ أَخِي،إِنَّ قَبْلَ غَدِيرِ خُمٍّ مَا أُحَدِّثُكَ بِهِ،أَنَّ جَبْرَئِيلَ الرُّوحَ الْأَمِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)بِوَلاَيَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فَدَعَا قَوْماً أَنَا فِيهِمْ،فَاسْتَشَارَهُمْ فِي ذَلِكَ لِيَقُومَ بِهِ فِي الْمَوْسِمِ، فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ،وَ بَكَى(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ:مَا لَكَ-يَا مُحَمَّدُ-أَ جَزِعْتَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ!فَقَالَ:«كَلاَّ-يَا جَبْرَئِيلُ-وَ لَكِنْ قَدْ عَلِمَ رَبِّي مَا لَقِيتُ مِنْ قُرَيْشٍ إِذْ لَمْ يُقِرُّوا لِي بِالرِّسَالَةِ حَتَّى أَمَرَنِي بِجِهَادِي،وَ أَهْبَطَ إِلَيَّ جُنُوداً مِنَ السَّمَاءِ فَنَصَرُونِي،فَكَيْفَ يُقِرُّوا لِعَلِيٍّ مِنْ بَعْدِي!»فَانْصَرَفَ عَنْهُ جَبْرَئِيلُ،ثُمَّ نَزَلَ عَلَيْهِ فَلَعَلَّكَ تٰارِكٌ بَعْضَ مٰا يُوحىٰ إِلَيْكَ وَ ضٰائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ [1].
فَلَمَّا نَزَلْنَا الْجُحْفَةَ [2] رَاجِعِينَ وَ ضَرَبْنَا أَخْبِيَتَنَا نَزَلَ جَبْرَئِيلُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)بِهَذِهِ الْآيَةِ: يٰا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمٰا بَلَّغْتَ رِسٰالَتَهُ وَ اللّٰهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّٰاسِ [3]،فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)وَ هُوَ يُنَادِي:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ،أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ،أَنَا رَسُولُ اللَّهِ»فَأَتَيْنَاهُ مُسْرِعِينَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِذَا هُوَ وَاضِعٌ بَعْضَ ثَوْبِهِ عَلَى رَأْسِهِ،وَ بَعْضَهُ عَلَى قَدَمَيْهِ مِنَ الْحَرِّ،وَ أَمَرَ بِقَمِّ [4] مَا تَحْتَ الدَّوْحِ،فَقُمَّ مَا كَانَ ثُمَّ مِنَ الشَّوْكِ وَ الْحِجَارَةِ،فَقَالَ رَجُلٌ:مَا دَعَاهُ إِلَى قَمِّ هَذَا الْمَكَانِ،وَ هُوَ يُرِيدُ أَنْ يَرْحَلَ مِنْ سَاعَتِهِ؟!لِيَأْتِيَنَّكُمُ الْيَوْمَ بِدَاهِيَةٍ، فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الْقَمِّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)أَنْ يُؤْتَى بِأَحْدَاجِ [5] دَوَابِّنَا وَ أَقْتَابِ [6] إِبِلِنَا وَ حَقَائِبِنَا،فَوَضَعْنَا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ،ثُمَّ أَلْقَيْنَا عَلَيْهَا ثَوْباً،ثُمَّ صَعِدَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ،ثُمَّ قَالَ:
«أَيُّهَا النَّاسُ،إِنَّهُ نَزَلَ عَلَيَّ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ أَمْرٌ ضِقْتُ بِهِ ذَرْعاً مَخَافَةَ تَكْذِيبِ أَهْلِ الْإِفْكِ،حَتَّى جَاءَنِي فِي هَذَا
[1] هود 11:12.
[2] الجحفة:قرية على طريق المدينة.«معجم البلدان 2:111».
[3] المائدة 5:67.
[4] قمّ:كنس.«الصحاح-قمم-5:2015».
[5] الحدج:الحمل.«الصحاح-حدج-1:305»و في المصدر:بأحلاس،و الحلس:ما يلي ظهر الدابّة تحت السرج أو الرحل.
[6] القتب:رحل صغير على قدر السنام.«الصحاح-قتب-1:198».