فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي مَوْطِنٍ وَاحِدٍ،وَ هِيَ فِي مَوَاطِنَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي مِقْدَارُهُ خَمْسُونَ أَلْفَ سَنَةٍ،فَجَمَعَ اللَّهُ الْخَلاَئِقَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي مَوْطِنٍ يَتَعَارَفُونَ فِيهِ،فَيُكَلِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً،وَ يَسْتَغْفِرُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ،أُولَئِكَ الَّذِينَ بَدَتْ مِنْهُمُ الطَّاعَةُ مِنَ الرُّسُلِ وَ الْأَتْبَاعِ،وَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوَى فِي دَارِ الدُّنْيَا، وَ يَلْعَنُ أَهْلُ الْمَعَاصِي بَعْضُهُمْ بَعْضاً مِنَ الَّذِينَ بَدَتْ مِنْهُمُ الْمَعَاصِي وَ تَعَاوَنُوا عَلَى الظُّلْمِ وَ الْعُدْوَانِ فِي دَارِ الدُّنْيَا، وَ الْمُسْتَكْبِرُونَ مِنْهُمْ وَ الْمُسْتَضْعَفُونَ يَلْعَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَ يُكَفِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً.
ثُمَّ يَجْمَعُونَ فِي مَوْطِنٍ يَفِرُّ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ،وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ* وَ صٰاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ [1]إِذَا تَعَاوَنُوا عَلَى الظُّلْمِ وَ الْعُدْوَانِ فِي دَارِ الدُّنْيَا لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [2].
ثُمَّ يَجْمَعُونَ فِي مَوْطِنٍ يَبْكُونَ فِيهِ،فَلَوْ أَنَّ تِلْكَ الْأَصْوَاتَ بَدَتْ لِأَهْلِ الدُّنْيَا لَأَذْهَلَتْ جَمِيعُ الْخَلاَئِقِ عَنْ مَعَايِشِهِمْ،وَ صَدَعَتِ الْجِبَالُ،إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ،فَلاَ يَزَالُونَ يَبْكُونَ حَتَّى يَبْكُونَ الدَّمَ.
ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ فِي مَوْطِنٍ يُسْتَنْطَقُونَ فِيهِ،فَيَقُولُونَ وَ اللّٰهِ رَبِّنٰا مٰا كُنّٰا مُشْرِكِينَ وَ لاَ يُقِرُّونَ بِمَا عَمِلُوا،فَيُخْتَمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَ تُسْتَنْطَقُ الْأَيْدِي وَ الْأَرْجُلُ وَ الْجُلُودُ،فَتَنْطِقُ،فَتَشْهَدُ بِكُلِّ مَعْصِيَةٍ بَدَتْ مِنْهُمْ،ثُمَّ يُرْفَعُ عَنْ أَلْسِنَتِهِمُ الْخَتْمُ،فَيَقُولُونَ لِجُلُودِهِمْ وَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلِهِمْ: لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنٰا ؟فَتَقُولُ: أَنْطَقَنَا اللّٰهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ [3].
ثُمَّ يَجْمَعُونَ فِي مَوْطِنٍ يُسْتَنْطَقُ فِيهِ جَمِيعُ الْخَلاَئِقِ،فَلاَ يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَ قَالَ صَوَاباً.
وَ يَجْتَمِعُونَ فِي مَوْطِنٍ يَخْتَصِمُونَ فِيهِ،وَ يُدَانُ لِبَعْضِ الْخَلاَئِقِ مِنْ بَعْضٍ،وَ هُوَ الْقَوْلُ،وَ ذَلِكَ كُلُّهُ قَبْلَ الْحِسَابِ،فَإِذَا أُخِذَ بِالْحِسَابِ،شُغِلَ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا لَدَيْهِ،نَسْأَلُ اللَّهَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ».
99-/3439 _6- سُلَيْمُ بْنُ قَيْسٍ الْهِلاَلِيُّ:قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): «أَمَّا الْفِرْقَةُ [4] الْمَهْدِيَّةُ الْمُؤْمِنَةُ،الْمُسْلِمَةُ الْمُوَفَّقَةُ الْمُرْشَدَةُ،فَهِيَ الْمُؤْمِنَةُ بِي،الْمُسَلِّمَةُ لِأَمْرِي،الْمُطِيعَةُ لِي،الْمُتَوَلِّيَةُ،الْمُتَبَرِّئَةُ مِنْ عَدُوِّي،الْمُحِبَّةُ لِي، الْمُبْغِضَةُ لِعَدُوِّي،الَّتِي قَدْ عَرَفَتْ حَقِّي وَ إِمَامَتِي وَ فَرْضَ طَاعَتِي مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ لَمْ تَرْتَبْ، وَ لَمْ تَشُكَّ لِمَا قَدْ نَوَّرَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهَا مِنْ مَعْرِفَةِ حَقِّنَا،وَ عَرَّفَهَا مِنْ فَضْلِنَا،وَ أَلْهَمَهَا،وَ أَخَذَ بِنَوَاصِيهَا فَأَدْخَلَهَا فِي شِيعَتِنَا حَتَّى اطْمَأَنَّتْ قُلُوبُهَا وَ اسْتَيْقَنَتْ يَقِيناً لاَ يُخَالِطُهُ شَكٌّ أَنَّ الْأَوْصِيَاءَ [5] بَعْدِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ هُدَاةٌ مُهْتَدُونَ،الَّذِينَ قَرَنَهُمُ اللَّهُ بِنَفْسِهِ وَ نَبِيِّهِ فِي آيٍ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرَةٍ،وَ طَهَّرَنَا،وَ عَصَمَنَا،وَ جَعَلَنَا الشُّهَدَاءَ عَلَى خَلْقِهِ،وَ حُجَّتَهُ فِي أَرْضِهِ وَ خُزَّانَهُ عَلَى عِلْمِهِ،وَ مَعَادِنَ حُكْمِهِ وَ تَرَاجِمَةَ وَحْيِهِ،وَ جَعَلَنَا مَعَ الْقُرْآنِ وَ الْقُرْآنَ مَعَنَا،لاَ نُفَارِقُهُ وَ لاَ يُفَارِقُنَا حَتَّى نَرِدَ
[1] عبس 80:34-36.
[2] عبس 80:37.
[3] فصّلت 41:21.
[4] في المصدر زيادة:الناجية.
[5] في المصدر:إنّي أنا و أوصيائي.