الْكُرْسُوعِ[قَالَ:وَ مَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟قَالَ:قُلْتُ:لِأَنَّ الْيَدَ هِيَ الْأَصَابِعُ وَ الْكَفُّ إِلَى الْكُرْسُوعِ]لِقَوْلِ اللَّهِ فِي التَّيَمُّمِ:
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ [1] ،وَ اتَّفَقَ مَعِي عَلَى ذَلِكَ قَوْمٌ.
وَ قَالَ آخَرُونَ:بَلْ يَجِبُ الْقَطْعُ مِنَ الْمِرْفَقِ.قَالَ:وَ مَا الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ؟قَالُوا:لِأَنَّ اللَّهَ لَمَّا قَالَ: وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرٰافِقِ [2]فِي الْغَسْلِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حَدَّ الْيَدِ هُوَ الْمِرْفَقُ.
قَالَ:فَالْتَفَتَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ،فَقَالَ:مَا تَقُولُ فِي هَذَا،يَا أَبَا جَعْفَرٍ؟فَقَالَ:«قَدْ تَكَلَّمَ الْقَوْمُ فِيهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ».قَالَ:دَعْنِي مِمَّا تَكَلَّمُوا بِهِ،أَيُّ شَيْءٍ عِنْدَكَ:قَالَ:«اعْفُنِي عَنْ هَذَا،يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ».قَالَ:أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ بِاللَّهِ لَمَّا أَخْبَرْتَ بِمَا عِنْدَكَ فِيهِ.فَقَالَ:«أَمَّا إِذَا أَقْسَمْتَ عَلَيَّ بِاللَّهِ إِنِّي أَقُولُ إِنَّهُمْ أَخْطَأُوا فِيهِ السُّنَّةَ،فَإِنَّ الْقَطْعَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَفْصِلِ أُصُولِ الْأَصَابِعِ،فَيُتْرَكُ الْكَفُّ».قَالَ:وَ مَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟قَالَ:«قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):اَلسُّجُودُ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ [3]:اَلْوَجْهِ،وَ الْيَدَيْنِ،وَ الرُّكْبَتَيْنِ،وَ الرِّجْلَيْنِ.فَإِذَا قُطِعَتْ يَدُهُ مِنَ الْكُرْسُوعِ،أَوِ الْمِرْفَقِ لَمْ يَبْقَ لَهُ يَدٌ يَسْجُدُ عَلَيْهَا،وَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: وَ أَنَّ الْمَسٰاجِدَ لِلّٰهِ [4]يَعْنِي بِهِ هَذِهِ الْأَعْضَاءَ السَّبْعَةَ الَّتِي يُسْجَدُ عَلَيْهَا، فَلاٰ تَدْعُوا مَعَ اللّٰهِ أَحَداً [5]وَ مَا كَانَ لِلَّهِ لَمْ يُقْطَعْ».قَالَ:فَأَعْجَبَ الْمُعْتَصِمَ ذَلِكَ،فَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ مِنْ مَفْصِلِ الْأَصَابِعِ دُونَ الْكَفِّ.
قَالَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ:قَامَتْ قِيَامَتِي،وَ تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُ حَيّاً،قَالَ زُرْقَانُ [6]:إِنَّ ابْنَ أَبِي دُوَادَ قَالَ:صِرْتُ إِلَى الْمُعْتَصِمِ بَعْدَ ثَالِثَةٍ،فَقُلْتُ:إِنَّ نَصِيحَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيَّ وَاجِبَةٌ،وَ أَنَا أُكَلِّمُهُ بِمَا أَعْلَمُ أَنِّي أَدْخُلُ بِهِ النَّارَ،قَالَ:وَ مَا هُوَ؟قُلْتُ:إِذَا جَمَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي مَجْلِسِهِ فُقَهَاءَ رَعِيَّتِهِ وَ عُلَمَاءَهُمْ لِأَمْرٍ وَاقِعٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ فَسَأَلَهُمْ عَنِ الْحُكْمِ فِيهِ،فَأَخْبَرُوهُ بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ،وَ قَدْ حَضَرَ الْمَجْلِسَ بَنُوهُ [7] وَ قُوَّادُهُ وَ وُزَرَاؤُهُ وَ كُتَّابُهُ،وَ قَدْ تَسَامَعَ النَّاسُ بِذَلِكَ مِنْ وَرَاءِ بَابِهِ،ثُمَّ يَتْرُكُ أَقَاوِيلَهُمْ كُلَّهُمْ لِقَوْلِ رَجُلٍ يَقُولُ شَطْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِإِمَامَتِهِ،وَ يَدَّعُونَ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْهُ بِمَقَامِهِ،ثُمَّ يَحْكُمُ بِحُكْمِهِ دُونَ حُكْمِ الْفُقَهَاءِ؟! قَالَ:فَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ،وَ انْتَبَهَ لِمَا نَبَّهْتُهُ لَهُ،وَ قَالَ:جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ نَصِيحَتِكَ خَيْراً.قَالَ:فَأَمَرَ الْيَوْمَ الرَّابِعَ فُلاَناً مِنْ كُتَّابِ وُزَرَائِهِ بِأَنْ يَدْعُوَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ،فَدَعَاهُ،فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهُ،وَ قَالَ:«قَدْ عَلِمْتَ أَنِّي لاَ أَحْضُرُ مَجَالِسَكُمْ».فَقَالَ:إِنِّي إِنَّمَا أَدْعُوكَ إِلَى الطَّعَامِ وَ أُحِبُّ أَنْ تَطَأَ ثِيَابِي،وَ تَدْخُلَ مَنْزِلِي،فَأَتَبَرَّكَ بِذَلِكَ.وَ قَدْ أَحَبَّ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ مِنْ وُزَرَاءِ الْخَلِيفَةِ [لِقَاءَكَ]،فَصَارَ إِلَيْهِ،فَلَمَّا أُطْعِمَ مِنْهَا،أَحَسَّ مَآلِمَ السُّمِّ فَدَعَا بِدَابَّتِهِ،فَسَأَلَهُ رَبُّ الْمَنْزِلِ أَنْ يُقِيمَ،فَقَالَ:«خُرُوجِي مِنْ
[1] النّساء 4:43.
[2] المائدة 5:6.
[3] في«س»:أعظم.
[4] [5] الجنّ 72:18.
[6] في«ط»:ابن أبي زرقان.
[7] في«ط»نسخة بدل:أهل بيته.