ابْنِ عِيسَى،قَالَ:حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مَعْرُوفٍ،عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ،قَالَ:حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْعَبْدِيُّ [1]،قَالَ:حَدَّثَنَا أَبُو هَارُونَ الْعَبْدِيُّ،عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): «إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ لِي فَسَلُوهُ الْوَسِيلَةَ» فَسَأَلْنَا النَّبِيَّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)عَنِ الْوَسِيلَةِ،فَقَالَ:«هِيَ دَرَجَتِي فِي الْجَنَّةِ،وَ هِيَ أَلْفُ مِرْقَاةٍ،مَا بَيْنَ الْمِرْقَاةِ إِلَى الْمِرْقَاةِ حُضْرُ [2] الْفَرَسِ الْجَوَادِ شَهْراً،وَ هِيَ مَا بَيْنَ مِرْقَاةِ جَوْهَرٍ إِلَى مِرْقَاةِ زَبَرْجَدٍ،إِلَى مِرْقَاةِ يَاقُوتٍ،إِلَى مِرْقَاةِ ذَهَبٍ،إِلَى مِرْقَاةِ فِضَّةٍ.فَيُؤْتَى بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى تُنْصَبَ مَعَ دَرَجَةِ النَّبِيِّينَ،فَهِيَ فِي دَرَجِ النَّبِيِّينَ كَالْقَمَرِ بَيْنَ الْكَوَاكِبِ،فَلاَ يَبْقَى يَوْمَئِذٍ نَبِيٌّ وَ لاَ صِدِّيقٌ وَ لاَ شَهِيدٌ إِلاَّ قَالَ:طُوبَى لِمَنْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّرَجَةُ دَرَجَتَهُ.فَيَأْتِي النِّدَاءُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يُسْمِعُ النَّبِيِّينَ وَ جَمِيعَ الْخَلْقِ:هَذِهِ دَرَجَةُ مُحَمَّدٍ.فَأُقْبِلُ أَنَا يَوْمَئِذٍ مُتَّزِراً بِرِيطَةٍ [3] مِنْ نُورٍ،عَلَيَّ تَاجُ الْمُلْكِ وَ إِكْلِيلُ الْكَرَامَةِ،وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَمَامِي،وَ بِيَدِهِ لِوَائِي-وَ هُوَ لِوَاءُ الْحَمْدِ-مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ:لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، الْمُفْلِحُونَ هُمُ الْفَائِزُونَ بِاللَّهِ.فَإِذَا مَرَرْنَا بِالنَّبِيِّينَ قَالُوا:هَذَانِ مَلَكَانِ مُقَرَّبَانِ،لَمْ نَعْرِفْهُمَا،وَ لَمْ نَرَهُمَا.وَ إِذَا مَرَرْنَا بِالْمَلاَئِكَةِ قَالُوا:نَبِيَّانِ مُرْسَلاَنِ.حَتَّى أَعْلَوُا الدَّرَجَةَ وَ عَلِيٌّ يَتْبَعُنِي،حَتَّى إِذَا صِرْتُ فِي أَعْلَى دَرَجَةٍ مِنْهَا وَ عَلِيٌّ أَسْفَلُ مِنِّي بِدَرَجَةٍ،فَلاَ يَبْقَى يَوْمَئِذٍ نَبِيٌّ وَ لاَ صِدِّيقٌ وَ لاَ شَهِيدٌ إِلاَّ قَالَ:طُوبَى لِهَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ،مَا أَكْرَمَهُمَا عَلَى اللَّهِ!فَيَأْتِي النِّدَاءُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ جَلَّ جَلاَلُهُ يُسْمِعُ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ الْمُؤْمِنِينَ:هَذَا حَبِيبِي مُحَمَّدٌ،وَ هَذَا وَلِيِّي عَلِيٌّ، طُوبَى لِمَنْ أَحَبَّهُ،وَ وَيْلٌ لِمَنْ أَبْغَضَهُ وَ كَذَبَ عَلَيْهِ.فَلاَ يَبْقَى يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ أَحَبَّكَ يَا عَلِيُّ إِلاَّ اسْتَرْوَحَ إِلَى هَذَا الْكَلاَمِ وَ ابْيَضَّ وَجْهُهُ،وَ فَرِحَ قَلْبُهُ،وَ لاَ يَبْقَى أَحَدٌ مِمَّنْ عَادَاكَ،أَوْ نَصَبَ لَكَ حَرْباً،أَوْ جَحَدَ لَكَ حَقّاً،إِلاَّ اسْوَدَّ وَجْهُهُ، وَ اضْطَرَبَتْ قَدَمَاهُ.
فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا مَلَكَانِ قَدْ أَقْبَلاَ إِلَيَّ:أَمَّا أَحَدُهُمَا فَرِضْوَانُ خَازِنُ الْجَنَّةِ،وَ أَمَّا الْآخَرُ فَمَالِكُ خَازِنُ النَّارِ، فَيَدْنُو رِضْوَانُ فَيَقُولُ:اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ،يَا أَحْمَدُ.فَأَقُولُ:اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ،مَنْ أَنْتَ؟فَمَا أَحْسَنَ وَجْهَكَ، وَ أَطْيَبَ رِيحَكَ!فَيَقُولُ:أَنَا رِضْوَانُ خَازِنُ الْجَنَّةِ،وَ هَذِهِ مَفَاتِيحُ الْجَنَّةِ بَعَثَ بِهَا إِلَيْكَ رَبُّ الْعِزَّةِ،فَخُذْهَا يَا أَحْمَدُ.
فَأَقُولُ:قَدْ قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْ رَبِّي،فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى مَا فَضَّلَنِي بِهِ،أَدْفَعُهَا إِلَى أَخِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ).ثُمَّ يَرْجِعُ رِضْوَانُ،فَيَدْنُو مَالِكٌ،فَيَقُولُ:اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَحْمَدُ.فَأَقُولُ:اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ،مَنْ أَنْتَ؟فَمَا أَقْبَحَ وَجْهَكَ،وَ أَنْكَرَ رُؤْيَتَكَ!فَيَقُولُ:أَنَا مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ،وَ هَذِهِ مَقَالِيدُ النَّارِ بَعَثَ بِهَا إِلَيْكَ رَبُّ الْعِزَّةِ،فَخُذْهَا يَا أَحْمَدُ.
فَأَقُولُ:قَدْ قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْ رَبِّي،فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى مَا فَضَّلَنِي بِهِ،أَدْفَعُهَا إِلَى أَخِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.ثُمَّ يَرْجِعُ مَالِكٌ، فَيُقْبِلُ عَلِيٌّ وَ مَعَهُ مَفَاتِيحُ الْجَنَّةِ وَ مَقَالِيدُ النَّارِ،حَتَّى يَقِفَ عَلَى عَجُزِ [4] جَهَنَّمَ وَ قَدْ تَطَايَرَ شَرَرُهَا،وَ عَلاَ زَفِيرُهَا،وَ اشْتَدَّ حَرُّهَا،وَ عَلِيٌّ آخِذٌ بِزِمَامِهَا،فَتَقُولُ لَهُ جَهَنَّمُ:جُزْنِي يَا عَلِيُّ،فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي.فَيَقُولُ لَهَا عَلِيٌّ:قِرِّي يَا جَهَنَّمُ، خُذِي هَذَا وَ اتْرُكِي هَذَا،خُذِي عَدُوِّي،وَ اتْرُكِي وَلِيِّي.فَلَجَهَنَّمُ يَوْمَئِذٍ أَشَدُّ مُطَاوَعَةً لِعَلِيٍّ[مِنْ غُلاَمِ أَحَدِكُمْ
[1] في المصدر:أبو حفص العبدي.
[2] الحضر-بالضم-العدو.«الصحاح-حضر-2:632».
[3] الرّيطة:كلّ ثوب ليّن دقيق،«لسان العرب-ريط-7:307».
[4] في معاني الأخبار:بحجزة،و في علل الشرائع:عجزة.