وَ رُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَ كَلَّمَ اللّٰهُ مُوسىٰ تَكْلِيماً يَعْنِي لَمْ أُسَمِّ الْمُسْتَخْفِينَ كَمَا سَمَّيْتُ الْمُسْتَعْلِنِينَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ».
99-/2844 _5- الشَّيْخُ الْمُفِيدُ فِي(الْإِخْتِصَاصِ)فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ،وَ قَدْ قَالَ لِيَهُودِ خَيْبَرَ: كَيْفَ لاَ تَتَّبِعُونَ دَاعِيَ اللَّهِ؟-يَعْنِي النَّبِيَّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)-قَالُوا:يَا ابْنَ سَلاَمٍ،مَا عَلِمْنَا أَنَّ مُحَمَّداً صَادِقٌ فِيمَا يَقُولُ،قَالَ:فَإِذَنْ نَسْأَلُهُ عَنِ الْكَائِنِ وَ الْمُكَوِّنِ،وَ النَّاسِخِ وَ الْمَنْسُوخِ،فَإِنْ كَانَ نَبِيّاً كَمَا يَزْعُمُ فَإِنَّهُ سَيُبَيِّنُ لَنَا كَمَا بَيَّنَ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ قَبْلُ.
قَالُوا:يَا ابْنَ سَلاَمٍ،سِرْ إِلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى تَنْقُضَ كَلاَمَهُ وَ تَنْظُرَ كَيْفَ يَرُدُّ عَلَيْكَ الْجَوَابَ،فَقَالَ:إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ،إِذْ لَوْ كَانَ هَذَا مُحَمَّداً الَّذِي بَشَّرَ بِهِ مُوسَى وَ دَاوُدُ وَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ،وَ كَانَ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ،فَلَوِ اجْتَمَعَ الثَّقَلاَنِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلَى أَنْ يَرُدُّوا عَلَى مُحَمَّدٍ حَرْفاً وَاحِداً أَوْ آيَةً مَا اسْتَطَاعُوا بِإِذْنِ اللَّهِ.
قَالُوا:صَدَقْتَ-يَا ابْنَ سَلاَمٍ-فَمَا الْحِيلَةُ؟قَالَ:عَلَيَّ بِالتَّوْرَاةِ.فَحُمِلَتِ التَّوْرَاةُ إِلَيْهِ،فَاسْتَنْسَخَ مِنْهَا أَلْفَ مَسْأَلَةٍ وَ أَرْبَعاً وَ أَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً [1]،ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ بَعْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ.فَقَالَ:
السَّلاَمُ عَلَيْكَ،يَا مُحَمَّدُ،فَقَالَ النَّبِيُّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):«وَ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ،مَنْ أَنْتَ؟».فَقَالَ:أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ،مِنْ رُؤَسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ،وَ مِمَّنْ قَرَأَ التَّوْرَاةَ،وَ أَنَا رَسُولُ الْيَهُودِ إِلَيْكَ مَعَ آيَاتٍ مِنَ التَّوْرَاةِ تُبَيِّنُ لَنَا مَا فِيهَا،نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):«الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نَعْمَائِهِ-يَا ابْنَ سَلاَمٍ-أَ جِئْتَنِي سَائِلاً أَوْ مُتَعَنِّتاً؟»قَالَ:بَلْ سَائِلاً،يَا مُحَمَّدُ.
قَالَ:«عَلَى الضَّلاَلَةِ أَمْ عَلَى الْهُدَى؟»قَالَ:بَلْ عَلَى الْهُدَى،يَا مُحَمَّدُ.
فَقَالَ النَّبِيُّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):«فَسَلْ عَمَّا تَشَاءُ»قَالَ:أَنْصَفْتَ،يَا مُحَمَّدُ،فَأَخْبِرْنِي عَنْكَ،أَ نَبِيٌّ أَنْتَ أَمْ رَسُولٌ؟ قَالَ:«أَنَا نَبِيٌّ وَ رَسُولٌ،وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْقُرْآنِ: مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنٰا عَلَيْكَ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ [2]».
قَالَ:صَدَقْتَ،يَا مُحَمَّدُ،وَ قَالَ لَهُ ابْنُ سَلاَمٍ:فَأَخْبِرْنِي مَا الْعِشْرُونَ؟قَالَ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):«الْعِشْرُونَ أُنْزِلَ الزَّبُورُ عَلَى دَاوُدَ فِي عِشْرِينَ يَوْماً خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ،وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْقُرْآنِ: وَ آتَيْنٰا دٰاوُدَ زَبُوراً ».وَ الْحَدِيثُ طَوِيلٌ.
قوله تعالى:
لٰكِنِ اللّٰهُ يَشْهَدُ بِمٰا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَ الْمَلاٰئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَ كَفىٰ بِاللّٰهِ شَهِيداً[166]
[1] في المصدر:و أربع مسائل.
[2] غافر 40:78.