99-/1925 _1- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،قَالَ: وَ تَآمَرَتْ قُرَيْشٌ عَلَى أَنْ يَرْجِعُوا وَ يُغِيرُوا [1] عَلَى الْمَدِينَةِ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):«أَيُّ رَجُلٍ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ»فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ،فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«أَنَا آتِيكَ بِخَبَرِهِمْ»قَالَ:
«اذْهَبْ،فَإِنْ كَانُوا رَكِبُوا الْخَيْلَ وَ جَنَبُوا الْإِبِلَ فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْمَدِينَةَ،وَ اللَّهِ لَئِنْ أَرَادُوا الْمَدِينَةَ لَأُنَازِلَنَّ [2] اللَّهَ فِيهِمْ،وَ إِنْ كَانُوا رَكِبُوا الْإِبِلَ وَ جَنَبُوا الْخَيْلَ فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ مَكَّةَ».
فَمَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)عَلَى مَا بِهِ مِنَ الْأَلَمِ وَ الْجِرَاحَاتِ حَتَّى كَانَ قَرِيباً مِنَ الْقَوْمِ،فَرَآهُمْ قَدْ رَكِبُوا الْإِبِلَ وَ جَنَبُوا الْخَيْلَ،فَرَجَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)إِلَى رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فَأَخْبَرَهُ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):«أَرَادُوا مَكَّةَ».
فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،فَقَالَ:يَا مُحَمَّدُ،إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَخْرُجَ فِي أَثَرِ الْقَوْمِ وَ لاَ يَخْرُجْ مَعَكَ إِلاَّ مَنْ كَانَتْ بِهِ جِرَاحَةٌ.فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)مُنَادِياً يُنَادِي:يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ،مَنْ كَانَتْ بِهِ جِرَاحَةٌ فَلْيَخْرُجْ،وَ مَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جِرَاحَةٌ فَلْيُقِمْ.فَأَقْبَلُوا يَضْمِدُونَ جِرَاحَاتِهِمْ وَ يُدَاوُونَهَا،فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): وَ لاٰ تَهِنُوا فِي ابْتِغٰاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمٰا تَأْلَمُونَ وَ تَرْجُونَ مِنَ اللّٰهِ مٰا لاٰ يَرْجُونَ [3]وَ هَذِهِ الْآيَةُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ،وَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَ تِلْكَ الْأَيّٰامُ نُدٰاوِلُهٰا بَيْنَ النّٰاسِ وَ لِيَعْلَمَ اللّٰهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدٰاءَ فَخَرَجُوا عَلَى مَا بِهِمْ مِنَ الْأَلَمِ وَ الْجِرَاحِ،فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) بِحَمْرَاءِ الْأَسَدِ [4]،وَ قُرَيْشٌ قَدْ نَزَلَتِ الرَّوْحَاءَ،قَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ،وَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ،وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ:نَرْجِعُ فَنُغِيرُ عَلَى الْمَدِينَةِ،فَقَدْ قَتَلْنَا سَرَاتَهُمْ [5] وَ كَبْشَهُمْ [6]-يَعْنُونَ حَمْزَةَ-فَوَافَاهُمْ رَجُلٌ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ فَسَأَلُوهُ الْخَبَرَ،فَقَالَ:تَرَكْتُ مُحَمَّداً وَ أَصْحَابَهُ بِحَمْرَاءِ الْأَسَدِ يَطْلُبُونَكُمْ أَجَدَّ الطَّلَبِ.فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ:هَكَذَا النَّكَدُ وَ الْبَغْيُ،قَدْ ظَفِرْنَا بِالْقَوْمِ وَ بَغَيْنَا،وَ اللَّهِ مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ قَطُّ بَغَوْا.
فَوَافَاهُمْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيُّ،فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ:أَيْنَ تُرِيدُ؟قَالَ:اَلْمَدِينَةَ،لِأَمْتَارَ [7] لِأَهْلِي طَعَاماً.قَالَ:
[1] (و يغيروا)ليس في المصدر.
[2] في المصدر:لا يأذن.
[3] النّساء 4:104.
[4] حمراء الأسد:موضع على ثمانية أميال من المدينة.«معجم البلدان 2:301».
[5] أي أشرافهم.«النهاية 2:363».
[6] الكبش:سيّد القوم و قائدهم.«تاج العروس-كبش-4:341».
[7] الميرة:الطعام.«تاج العروس-مير-3:552».