الْقَائِمِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،وَ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ مَوَالِي أَهْلِ الْكُوفَةِ فَيَقْتُلُهُ أَمِيرُ جَيْشِ السُّفْيَانِيِّ بَيْنَ الْحِيرَةِ وَ الْكُوفَةِ.
وَ يَبْعَثُ السُّفْيَانِيُّ بَعْثاً إِلَى الْمَدِينَةِ فَيَفِرُّ [1] الْمَهْدِيُّ مِنْهَا إِلَى مَكَّةَ،فَبَلَغَ أَمِيرَ جَيْشِ السُّفْيَانِيِّ أَنَّ الْمَهْدِيَّ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ،فَيَبْعَثُ جَيْشاً عَلَى أَثَرِهِ فَلاَ يُدْرِكُهُ حَتَّى يَدْخُلَ مَكَّةَ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ عَلَى سُنَّةِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،وَ يَنْزِلُ أَمِيرُ جَيْشِ السُّفْيَانِيِّ الْبَيْدَاءَ،فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ:يَا بَيْدَاءُ،أَبِيدِي الْقَوْمَ.فَتَخْسِفُ بِهِمُ الْبَيْدَاءُ،فَلاَ يَنْفَلِتُ مِنْهُمْ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ؛يُحَوِّلُ اللَّهُ وُجُوهَهُمْ فِي أَقْفِيَتِهِمْ،وَ هُمْ مِنْ كَلْبٍ،وَ فِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ آمِنُوا بِمٰا نَزَّلْنٰا مُصَدِّقاً لِمٰا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهٰا عَلىٰ أَدْبٰارِهٰا [2]الْآيَةَ».
قَالَ:«وَ الْقَائِمُ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ،قَدْ أَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ مُسْتَجِيراً بِهِ،يُنَادِي:يَا أَيُّهَا النَّاسُ،إِنَّا نَسْتَنْصِرُ اللَّهَ،وَ مَنْ أَجَابَنَا مِنَ النَّاسِ فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ،وَ نَحْنُ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ وَ بِمُحَمَّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،فَمَنْ حَاجَّنِي فِي آدَمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِآدَمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،وَ مَنْ حَاجَّنِي فِي نُوحٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِنُوحٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،وَ مَنْ حَاجَّنِي فِي إِبْرَاهِيمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،وَ مَنْ حَاجَّنِي فِي مُحَمَّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِمُحَمَّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ مَنْ حَاجَّنِي فِي النَّبِيِّينَ فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِالنَّبِيِّينَ.
أَ لَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: إِنَّ اللّٰهَ اصْطَفىٰ آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْرٰاهِيمَ وَ آلَ عِمْرٰانَ عَلَى الْعٰالَمِينَ* ذُرِّيَّةً بَعْضُهٰا مِنْ بَعْضٍ وَ اللّٰهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [3]فَأَنَا بَقِيَّةٌ مِنْ آدَمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)وَ خِيَرَةٌ مِنْ نُوحٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،وَ مُصْطَفًى مِنْ إِبْرَاهِيمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،وَ صَفْوَةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).
أَلاَ وَ مَنْ حَاجَّنِي فِي كِتَابِ اللَّهِ فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِكِتَابِ اللَّهِ،أَلاَ وَ مَنْ حَاجَّنِي فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ سِيرَتِهِ فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)وَ سِيرَتِهِ،فَأَنْشُدُ اللَّهَ مَنْ سَمِعَ كَلاَمِي الْيَوْمَ لَمَّا أَبْلَغَهُ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ،وَ أَسْأَلُكُمْ بِحَقِّ اللَّهِ وَ حَقِّ رَسُولِهِ وَ حَقِّي-فَإِنَّ لِي عَلَيْكُمْ حَقَّ الْقُرْبَى بِرَسُولِهِ-لَمَّا أَعَنْتُمُونَا وَ مَنَعْتُمُونَا مِمَّنْ يَظْلِمُنَا،فَقَدْ أُخِفْنَا،وَ ظُلِمْنَا،وَ طُرِدْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَ أَبْنَائِنَا،وَ بُغِيَ عَلَيْنَا،وَ دُفِعْنَا عَنْ حَقِّنَا،وَ أُثِرَ عَلَيْنَا أَهْلُ الْبَاطِلِ، اللَّهَ اللَّهَ فِينَا،لاَ تَخْذُلُونَا،وَ انْصُرُونَا يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ.
فَيَجْمَعُ اللَّهُ لَهُ أَصْحَابَهُ الثَّلاَثَمِائَةِ وَ الثَّلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً،فَيَجْمَعُهُمُ اللَّهُ لَهُ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ،قُزَعاً كَقُزَعِ الْخَرِيفِ،وَ هِيَ-يَا جَابِرُ-اَلْآيَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ: أَيْنَ مٰا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّٰهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّٰهَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ،وَ مَعَهُ عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)قَدْ تَوَارَثَهُ الْأَبْنَاءُ عَنِ الْآبَاءِ.
وَ الْقَائِمُ-يَا جَابِرُ-رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا)،يُصْلِحُ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ،فَمَا أَشْكَلَ عَلَى النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ-يَا جَابِرُ-فَلاَ يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ وِلاَدَتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ وِرَاثَتُهُ الْعُلَمَاءَ عَالِماً بَعْدَ عَالَمٍ،فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ هَذَا كُلُّهُ فَإِنَّ الصَّوْتَ مِنَ السَّمَاءِ لاَ يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ،إِذَا نُودِيَ بِاسْمِهِ وَ اسْمِ أَبِيهِ وَ اسْمِ أُمِّهِ».
وَ سَيَأْتِي-إِنْ شَاءَ اللَّهُ-هَذَا الْحَدِيثُ مُسْنَداً مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ النُعْمَانِيِّ،فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
[1] في المصدر:فينفر.
[2] النساء 4:47.
[3] آل عمران 3:33-34.