فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):لَئِنْ عَانَدْتُمْ هَاهُنَا مُحَمَّداً،فَسَتُعَانِدُونَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِذَا [1] أَنْطَقَ صَحَائِفَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ،وَ تَقُولُونَ:ظَلَمَتْنَا الْحَفَظَةُ،فَكَتَبُوا عَلَيْنَا مَا لَمْ نَفْعَلْ،فَعِنْدَ ذَلِكَ يَسْتَشْهِدُ جَوَارِحَكُمْ،فَتَشْهَدُ عَلَيْكُمْ.
فَقَالُوا:لاَ تُبْعِدْ شَاهِدَكَ،فَإِنَّهُ فِعْلُ الْكَذَّابِينَ،بَيْنَنَا وَ بَيْنَ الْقِيَامَةِ بُعْدٌ،أَرِنَا فِي أَنْفُسِنَا مَا تَدَّعِي لِنَعْلَمَ صِدْقَكَ، وَ لَنْ تَفْعَلَهُ لِأَنَّكَ مِنَ الْكَذَّابِينَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)لِعَلِيٍّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):اِسْتَشْهِدْ جَوَارِحَهُمْ.فَاسْتَشْهَدَهَا عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فَشَهِدَتْ كُلُّهَا عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ لاَ يَوَدُّونَ أَنْ يُنْزَلَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ،عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ خَيْرٌ مِنْ عِنْدِ رَبِّكُمْ آيَةٌ بَيِّنَةٌ،وَ حُجَّةٌ مُعْجِزَةُ لِنُبُوَّتِهِ، وَ إِمَامَةِ أَخِيهِ عَلِيٍّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،مَخَافَةَ أَنْ تَبْهَرَهُمْ حُجَّتُهُ،وَ يُؤْمِنُ بِهِ عَوَامُّهُمْ،وَ يَضْطَرِبُ عَلَيْهِمْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ.
فَقَالُوا:يَا مُحَمَّدُ،لَسْنَا نَسْمَعُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ الَّتِي تَدَّعِي أَنَّ جَوَارِحَنَا تَشْهَدُ بِهَا.
فَقَالَ:يَا عَلِيُّ،هَؤُلاَءِ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاٰ يُؤْمِنُونَ* وَ لَوْ جٰاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ [2]ادْعُ عَلَيْهِمْ بِالْهَلاَكِ،فَدَعَا عَلَيْهِمْ عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)بِالْهَلاَكِ،فَكُلُّ جَارِحَةٍ نَطَقَتْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى صَاحِبِهَا انْفَتَقَتْ [3] حَتَّى مَاتَ مَكَانَهُ.
فَقَالَ قَوْمٌ آخَرُونَ حَضَرُوا مِنَ الْيَهُودِ:مَا أَقْسَاكَ-يَا مُحَمَّدُ-قَتَلْتَهُمْ أَجْمَعِينَ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):مَا كُنْتُ لَأَلِينَ عَلَى مَنِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى،أَمَا إِنَّهُمْ لَوْ سَأَلُوا اللَّهَ تَعَالَى بِمُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ آلِهِمَا الطَّيِّبِينَ أَنْ يُمْهِلَهُمْ وَ يُقِيلَهُمْ لَفَعَلَ بِهِمْ،كَمَا كَانَ فَعَلَ بِمَنْ كَانَ مِنْ قَبْلُ مِنْ عَبَدَةِ الْعِجْلِ لَمَّا سَأَلُوا اللَّهَ بِمُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ آلِهِمَا الطَّيِّبِينَ،وَ قَالَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ مُوسَى:لَوْ كَانَ دَعَا بِذَلِكَ عَلَى مَنْ قَدْ قَتَلَ لَأَعْفَاهُ اللَّهُ مِنَ الْقَتْلِ كَرَامَةً لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ آلِهِمَا الطَّيِّبِينَ».
99-/574 _2- الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الدَّيْلَمِيُّ:عَمَّنْ رَوَاهُ،بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ،عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ،عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا،عَنْ أَبِيهِ مُوسَى،عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ(صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ) ،فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشٰاءُ .
قَالَ:«الْمُخْتَصُّونَ [4] بِالرَّحْمَةِ نَبِيُّ اللَّهِ وَ وَصِيُّهُ وَ عِتْرَتُهُمَا،إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ مِائَةَ رَحْمَةٍ،فَتِسْعٌ وَ تِسْعُونَ رَحْمَةً عِنْدَهُ مَذْخُورَةٌ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ عِتْرَتِهِمَا،وَ رَحْمَةٌ وَاحِدَةٌ مَبْسُوطَةٌ عَلَى سَائِرِ الْمَوْجُودِينَ».
قوله تعالى:
مٰا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهٰا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهٰا أَوْ مِثْلِهٰا أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّٰهَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[106]
[1] في المصدر:إذ.
[2] يونس 10:96 و 97.
[3] في المصدر:انفتّت.
[4] في المصدر:المختص.