ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):أَلاَ فَلاَ تَفْعَلُوا كَمَا فَعَلَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ،وَ لاَ تُسْخِطُوا [1] اللَّهَ تَعَالَى،وَ لاَ تَقْتَرِحُوا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى،وَ إِذَا ابْتُلِيَ أَحَدُكُمْ فِي رِزْقِهِ أَوْ مَعِيشَتِهِ بِمَا لاَ يُحِبُّ،فَلاَ يَحْدُسْ [2] شَيْئاً يَسْأَلُهُ،لَعَلَّ فِي ذَلِكَ حَتْفَهُ وَ هَلاَكَهُ،وَ لَكِنْ لِيَقُلْ:اَللَّهُمَّ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ إِنْ كَانَ مَا كَرِهْتَهُ مِنْ أَمْرِي [3] خَيْراً لِي وَ أَفْضَلَ فِي دِينِي،فَصَبِّرْنِي عَلَيْهِ،وَ قَوِّنِي عَلَى احْتِمَالِهِ،وَ نَشِّطْنِي عَلَى النُّهُوضِ بِثِقْلِ أَعْبَائِهِ،وَ إِنْ كَانَ خِلاَفُ ذَلِكَ خَيْراً فَجُدْ عَلَيَّ بِهِ،وَ رَضِّنِي بِقَضَائِكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ،فَلَكَ الْحَمْدُ؛فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ قَدَّرَ اللَّهُ وَ يَسَّرَ لَكَ مَا هُوَ خَيْرٌ.
ثُمَّ قَالَ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):يَا عِبَادَ اللَّهِ،فَاحْذَرُوا الاِنْهِمَاكَ فِي الْمَعَاصِي وَ التَّهَاوُنَ بِهَا،فَإِنَّ الْمَعَاصِيَ يَسْتَوْلِي بِهَا الْخِذْلاَنُ عَلَى صَاحِبِهَا حَتَّى يُوقِعَهُ فِيمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهَا،فَلاَ يَزَالُ يَعْصِي وَ يَتَهَاوَنُ وَ يَخْذُلُ وَ يَقَعُ فِيمَا هُوَ أَعْظَمُ [4]، حَتَّى يُوقِعَهُ فِي رَدِّ وَلاَيَةِ وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ،وَ دَفْعِ نُبُوَّةِ نَبِيِّ اللَّهِ،وَ لاَ يَزَالُ أَيْضاً بِذَلِكَ حَتَّى يُوقِعَهُ فِي دَفْعِ تَوْحِيدِ اللَّهِ، وَ الْإِلْحَادِ فِي دِينِ اللَّهِ.
ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ،وَ بِمَا فَرَضَ الْإِيمَانَ بِهِ مِنَ الْوَلاَيَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ الطَّيِّبِينَ مِنْ آلِهِ وَ الَّذِينَ هٰادُوا يَعْنِي الْيَهُودَ وَ النَّصٰارىٰ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ مُتَنَاصِرُونَ وَ الصّٰابِئِينَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ صَبَئُوا [5] إِلَى دِينِ اللَّهِ،وَ هُمْ بِقَوْلِهِمْ كَاذِبُونَ.
مَنْ آمَنَ بِاللّٰهِ مِنْ هَؤُلاَءِ الْكُفَّارِ،وَ نَزَعَ مِنْ كُفْرِهِ،وَ مَنْ آمَنَ مِنْ هَؤُلاَءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي مُسْتَقْبَلِ أَعْمَارِهِمْ [6]،وَ وَفَى بِالْعَهْدِ وَ الْمِيثَاقِ الْمَأْخُوذَيْنِ عَلَيْهِ لِمُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ خُلَفَائِهِ الطَّاهِرِينَ وَ عَمِلَ صٰالِحاً مِنْ هَؤُلاَءِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ ثَوَابُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ فِي الْآخِرَةِ وَ لاٰ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ هُنَاكَ حِينَ يَخَافُ الْفَاسِقُونَ وَ لاٰ هُمْ يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ الْمُخَالِفُونَ،لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْمَلُوا مِنْ مُخَالَفَةِ اللَّهِ مَا يُخَافُ مِنْ فِعْلِهِ،وَ لاَ يَحْزَنُ لَهُ.
وَ نَظَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)إِلَى رَجُلٍ[فَرَأَى]أَثَرَ الْخَوْفِ عَلَيْهِ،فَقَالَ:مَا بَالُكَ؟فَقَالَ:إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ.
فَقَالَ:يَا عَبْدَ اللَّهِ،خَفْ ذُنُوبَكَ،وَ خَفْ عَدْلَ اللَّهِ عَلَيْكَ فِي مَظَالِمِ عِبَادِهِ،وَ أَطِعْهُ فِيمَا كَلَّفَكَ،وَ لاَ تَعْصِهِ فِيمَا يُصْلِحُكَ،ثُمَّ لاَ تَخَفِ اللَّهَ بَعْدَ ذَلِكَ،فَإِنَّهُ لاَ يَظْلِمُ أَحَداً وَ لاَ يُعَذِّبُهُ فَوْقَ اسْتِحْقَاقِهِ أَبَداً،إِلاَّ أَنْ تَخَافَ سُوءَ الْعَاقِبَةِ بِأَنْ تَغَيَّرَ أَوْ تَبَدَّلَ،فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ يُؤْمِنَكَ اللَّهُ سُوءَ الْعَاقِبَةِ،فَاعْلَمْ أَنَّ مَا تَأْتِيهِ مِنْ خَيْرٍ فَبِفَضْلِ اللَّهِ وَ تَوْفِيقِهِ،وَ مَا تَأْتِيهِ مِنْ سُوءٍ فَبِإِمْهَالِ اللَّهِ وَ إِنْظَارِهِ إِيَّاكَ وَ حِلْمِهِ عَنْكَ».
[1] في المصدر زيادة:نعم.
[2] الحدس:الظنّ و التخمين،و يحدس:يقول شيئا برأيه.«الصحاح-حدس-3:915»!و في«س»:تخزينّ،و في«ط»:تجزينّ.
[3] في المصدر زيادة:هذا.
[4] في المصدر زيادة:ممّا جنى.
[5] صبأ:خرج من دين إلى دين.«الصحاح-صبأ-1:59».
[6] في المصدر زيادة:و أخلص.