وَ أَقِرُّوا [1]بِقُلُوبِكُمْ ذِكْرَ مُحَمَّدٍ سَيِّدِ عَبِيدِي وَ إِمَائِي،وَ أَعِيدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمُ الْوَلاَيَةَ لِعَلِيٍّ أَخِي مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ، وَ قُولُوا:اَللَّهُمَّ بِجَاهِهِمْ جَوِّزْنَا عَلَى مَتْنِ هَذَا الْمَاءِ؛فَإِنَّ الْمَاءَ يَتَحَوَّلُ لَكُمْ أَرْضاً.فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)ذَلِكَ، فَقَالُوا:أَ تُورِدُ عَلَيْنَا مَا نَكْرَهُ،وَ هَلْ فَرَرْنَا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ إِلاَّ مِنْ خَوْفِ الْمَوْتِ؟!وَ أَنْتَ تَقْتَحِمُ بِنَا هَذَا الْمَاءَ الْغَمْرَ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ،وَ مَا يُدْرِينَا مَا يَحْدُثُ مِنْ هَذِهِ عَلَيْنَا؟! فَقَالَ لِمُوسَى(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)كَالِبُ بْنُ يُوحَنَّا-وَ هُوَ عَلَى دَابَّةٍ لَهُ،وَ كَانَ ذَلِكَ الْخَلِيجُ أَرْبَعَةَ فَرَاسِخَ-:يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَمَرَكَ اللَّهُ بِهَذَا أَنْ نَقُولَهُ وَ نَدْخُلَ الْمَاءَ؟قَالَ:نَعَمْ.قَالَ:وَ أَنْتَ تَأْمُرُنِي بِهِ؟قَالَ:نَعَمْ.
فَوَقَفَ وَ جَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)وَ وَلاَيَةِ عَلِيٍّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)وَ الطَّيِّبِينَ مِنْ آلِهِمَا مَا أَمَرَهُ بِهِ،ثُمَّ قَالَ:اَللَّهُمَّ بِجَاهِهِمْ جَوِّزْنِي عَلَى مَتْنِ هَذَا الْمَاءِ؛ثُمَّ أَقْحَمَ فَرَسَهُ،فَرَكَضَ عَلَى مَتْنِ الْمَاءِ،فَإِذَا الْمَاءُ تَحْتَهُ كَأَرْضٍ لَيِّنَةٍ حَتَّى بَلَغَ آخِرَ الْخَلِيجِ،ثُمَّ عَادَ رَاكِضاً.
ثُمَّ قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ:يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ،أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا مُوسَى فَمَا هَذَا الدُّعَاءُ إِلاَّ مَفَاتِيحُ [2] أَبْوَابِ الْجِنَانِ،وَ مَغَالِيقُ أَبْوَابِ النِّيرَانِ،وَ مُسْتَنْزَلُ [3] الْأَرْزَاقِ،وَ جَالِبٌ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ وَ إِمَائِهِ رِضَا [4] الْمُهَيْمِنِ الْخَلاَّقِ؛ فَأَبَوْا،وَ قَالُوا:نَحْنُ لاَ نَسِيرُ إِلاَّ عَلَى الْأَرْضِ.
فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى: أَنِ اضْرِبْ بِعَصٰاكَ الْبَحْرَ [5]وَ قُلْ:اَللَّهُمَّ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ لَمَّا فَلَقْتَهُ؛ فَفَعَلَ،فَانْفَلَقَ وَ ظَهَرَتِ الْأَرْضُ إِلَى آخِرِ الْخَلِيجِ.
فَقَالَ مُوسَى(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):اُدْخُلُوهَا؛قَالُوا:اَلْأَرْضُ وَحِلَةٌ نَخَافُ أَنْ نَرْسُبَ [6] فِيهَا.
فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:يَا مُوسَى،قُلْ:اَللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ جَفِّفْهَا؛فَقَالَهَا،فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهَا رِيحَ الصَّبَا [7] فَجَفَّتْ.وَ قَالَ مُوسَى(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):اُدْخُلُوهَا؛قَالُوا:يَا نَبِيَّ اللَّهِ،نَحْنُ اثْنَتَا عَشْرَةَ قَبِيلَةً،بَنُو اثْنَيْ عَشَرَ أَباً،وَ إِنْ دَخَلْنَا رَامَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنَّا تَقَدُّمَ صَاحِبِهِ،وَ لاَ نَأْمَنُ وُقُوعَ الشَّرِّ بَيْنَنَا،فَلَوْ كَانَ لِكُلِّ فَرِيقٍ مِنَّا طَرِيقٌ عَلَى حِدَةٍ لَأَمِنَّا مَا نَخَافُهُ.
فَأَمَرَ اللَّهُ مُوسَى أَنْ يَضْرِبَ الْبَحْرَ بِعَدَدِهِمْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ضَرْبَةً فِي اثْنَيْ عَشَرَ مَوْضِعاً إِلَى جَانِبِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَ يَقُولُ:اَللَّهُمَّ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ بَيِّنِ الْأَرْضَ لَنَا وَ أَمِطِ [8] الْمَاءَ عَنَّا؛فَصَارَ فِيهِ تَمَامُ اثْنَيْ عَشَرَ طَرِيقاً،وَ جَفَّ
[1] في«س»:و أمرّوا.
[2] في المصدر:مفتاح.
[3] في المصدر:و منزل.
[4] في المصدر زيادة:الرحمن.
[5] الشّعراء 26:63.
[6] رسب الشّيء:ثقل و صار إلى أسفل.«مجمع البحرين-رسب-2:70».
[7] الصبا:ريح،و مهبّها المستوي أن تهبّ من موضع مطلع الشّمس إذ استوى اللّيل و النّهار.«الصحاح-صبا-6:2398».
[8] أماط عنّي الأذى:أي أبعده عنّي و نحّاه.«مجمع البحرين-ميط-4:274».