99-/452 _1- قَالَ الْإِمَامُ الْعَسْكَرِيُّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): «قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ لِقَوْمٍ مِنْ مَرَدَةِ الْيَهُودِ وَ مُنَافِقِيهِمُ الْمُحْتَجِبِينَ [1]لِأَمْوَالِ الْفُقَرَاءِ،الْمُسْتَأْكِلِينَ [2] لِلْأَغْنِيَاءِ،الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْخَيْرِ وَ يَتْرُكُونَهُ،وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الشَّرِّ وَ يَرْتَكِبُونَهُ،قَالَ:يَا مَعَاشِرَ الْيَهُودِ، أَ تَأْمُرُونَ النّٰاسَ بِالْبِرِّ بِالصَّدَقَاتِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَاتِ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتٰابَ أَ فَلاٰ تَعْقِلُونَ مَا بِهِ تَأْمُرُونَ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتٰابَ التَّوْرَاةَ الْآمِرَةَ بِالْخَيْرَاتِ وَ النَّاهِيَةَ عَنِ الْمُنْكَرَاتِ،المُخْبِرَةَ عَنْ عِقَابِ الْمُتَمَرِّدِينَ،وَ[عَنْ]عَظِيمِ الشَّرَفِ الَّذِي يَتَطَوَّلُ اللَّهُ بِهِ عَلَى الطَّائِعِينَ الْمُجْتَهِدِينَ أَ فَلاٰ تَعْقِلُونَ مَا عَلَيْكُمْ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي أَمْرِكُمْ بِمَا بِهِ لاَ تَأْخُذُونَ،وَ فِي نَهْيِكُمْ عَمَّا أَنْتُمْ فِيهِ مُنْهَمِكُونَ.
وَ كَانَ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الْيَهُودِ وَ عُلَمَائِهِمْ احْتَجَبُوا [3] أَمْوَالَ الصَّدَقَاتِ وَ الْمَبَرَّاتِ فَأَكَلُوهَا وَ اقْتَطَعُوهَا،ثُمَّ حَضَرُوا رَسُولَ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ قَدْ حَشَرُوا [4] عَلَيْهِ عَوَامَّهُمْ،يَقُولُونَ:إِنَّ مُحَمَّداً تَعَدَّى طَوْرَهُ،وَ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ.
فَجَاءُوا بِأَجْمَعِهِمْ إِلَى حَضْرَتِهِ،وَ قَدِ اعْتَقَدَ عَامَّتُهُمْ أَنْ يَقَعُوا بِرَسُولِ اللَّهِ فَيَقْتُلُوهُ،وَ لَوْ أَنَّهُ فِي جَمَاهِيرِ أَصْحَابِهِ،لاَ يُبَالُونَ بِمَا آتَاهُمْ بِهِ الدَّهْرُ،فَلَمَّا حَضَرُوهُ وَ كَثُرُوا وَ كَانُوا بَيْنَ يَدَيْهِ،قَالَ لَهُمْ رُؤَسَاؤُهُمْ-وَ قَدْ وَاطَئُوا عَوَامَّهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ إِذَا أَفْحَمُوا مُحَمَّداً وَضَعُوا عَلَيْهِ سُيُوفَهُمْ،فَقَالَ رُؤَسَاؤُهُمْ-:يَا مُحَمَّدُ،جِئْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَظِيرُ مُوسَى وَ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):أَمَّا قَوْلِي:إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَنَعَمْ،وَ أَمَّا أَنْ أَقُولَ:إِنِّي أَنَا نَظِيرُ مُوسَى وَ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، فَمَا أَقُولُ هَذَا،وَ مَا كُنْتُ لِأُصَغِّرَ مَا عَظَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ قَدْرِي،بَلْ قَالَ رَبِّي:يَا مُحَمَّدُ،إِنَّ فَضْلَكَ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْمُرْسَلِينَ وَ الْمَلاَئِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ كَفَضْلِي-وَ أَنَا رَبُّ الْعِزَّةِ-عَلَى سَائِرِ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ؛وَ كَذَلِكَ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمُوسَى لَمَّا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ فَضَّلَهُ عَلَى جَمِيعِ الْعَالَمِينَ.فَغَلُظَ ذَلِكَ عَلَى الْيَهُودِ،وَ هَمُّوا بِقَتْلِهِ،فَذَهَبُوا يَسُلُّونَ سُيُوفَهُمْ فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ وَجَدَ يَدَيْهِ إِلَى خَلْفِهِ كَالْمَكْتُوفِ،يَابِساً لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُحَرِّكَهُمَا وَ تَحَيَّرُوا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)-وَ رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ الْحَيْرَةِ-:لاَ تَجْزَعُوا،فَخَيْرٌ أَرَادَ اللَّهُ بِكُمْ،مَنَعَكُمْ مِنَ التَّوَثُّبِ [5] عَلَى وَلِيِّهِ،وَ حَبَسَكُمْ عَلَى اسْتِمَاعِ حُجَجِهِ فِي نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ وَ وَصِيَّةِ أَخِيهِ عَلِيٍّ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):مَعَاشِرَ الْيَهُودِ،هَؤُلاَءِ رُؤَسَاؤُكُمْ كَافِرُونَ،وَ لِأَمْوَالِكُمْ مُحْتَجِبُونَ،وَ لِحُقُوقِكُمْ بَاخِسُونَ،وَ لَكُمْ-فِي قِسْمَةٍ مِنْ بَعْدِ مَا اقْتَطَعُوهُ-ظَالِمُونَ،يَخْفَضُونَ فَيَرْفَعُونَ.
[1] في المصدر:المحتجنين.احتجنته:إذا جذبته بالمحجن إلى نفسك،«الصحاح-حجن-5:2097».و المحجن كالصولجان.
[2] يستأكل الضعفا،أي يأخذ أموالهم.«الصحاح-أكل-4:1625».
[3] في المصدر:احتجنوا.
[4] حشرت النّاس:جمعتهم.«الصحاح-حشر-2:630».
[5] في المصدر:الوثوب.