اللَّهُ مِنْ لِبَاسِ الْجَنَّةِ،وَ أَقْبَلاَ يَسْتَتِرَانِ بِوَرَقِ الْجَنَّةِ وَ نٰادٰاهُمٰا رَبُّهُمٰا أَ لَمْ أَنْهَكُمٰا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُمٰا إِنَّ الشَّيْطٰانَ لَكُمٰا عَدُوٌّ مُبِينٌ [1].فَقَالاَ كَمَا حَكَى اللَّهُ عَنْهُمَا: رَبَّنٰا ظَلَمْنٰا أَنْفُسَنٰا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنٰا وَ تَرْحَمْنٰا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخٰاسِرِينَ [2].
فَقَالَ اللَّهُ لَهُمَا: اِهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتٰاعٌ إِلىٰ حِينٍ -قَالَ-:إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
قَالَ:«فَهَبَطَ آدَمُ عَلَى الصَّفَا،وَ إِنَّمَا سُمِّيَتِ الصَّفَا لِأَنَّ صَفْوَةَ اللَّهِ نَزَلَ عَلَيْهَا،وَ نَزَلَتْ حَوَّاءُ عَلَى الْمَرْوَةِ،وَ إِنَّمَا سُمِّيَتِ الْمَرْوَةَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ نَزَلَتْ عَلَيْهَا.فَبَقِيَ آدَمُ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً سَاجِداً يَبْكِي عَلَى الْجَنَّةِ،فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،فَقَالَ:يَا آدَمُ،أَ لَمْ يَخْلُقْكَ اللَّهُ بِيَدِهِ،وَ نَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ،وَ أَسْجَدَ لَكَ مَلاَئِكَتَهُ؟قَالَ:بَلَى.قَالَ:
وَ أَمَرَكَ اللَّهُ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنَ الشَّجَرَةِ،فَلِمَ عَصَيْتَهُ؟!قَالَ:يَا جَبْرَئِيلُ،إِنَّ إِبْلِيسَ حَلَفَ لِي بِاللَّهِ أَنَّهُ لِي نَاصِحٌ،وَ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ خَلْقاً يَخْلُقُهُ اللَّهُ،يَحْلِفُ بِهِ كَاذِباً!».
99-/403 _5- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ:وَ حَدَّثَنِي أَبِي،عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ،عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ،عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،قَالَ:
«إِنَّ مُوسَى(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ آدَمَ(عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَ السَّلاَمُ)فَجَمَعَ،فَقَالَ لَهُ مُوسَى:يَا أَبَهْ،أَ لَمْ يَخْلُقْكَ اللَّهُ بِيَدِهِ،وَ نَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ،وَ أَسْجَدَ لَكَ الْمَلاَئِكَةَ،وَ أَمَرَكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنَ الشَّجَرَةِ،فَلِمَ عَصَيْتَهُ؟! فَقَالَ:يَا مُوسَى،بِكَمْ وَجَدْتَ خَطِيئَتِي قَبْلَ خَلْقِي فِي التَّوْرَاةِ؟قَالَ:بِثَلاَثِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [3]،قَالَ:هُوَ ذَلِكَ».
قَالَ الصَّادِقُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«فَحَجَّ [4] آدَمُ مُوسَى(عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ)».
99-/404 _6- وَ عَنِ الْإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،قَالَ:«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمَّا عَرَّفَ اللَّهُ مَلاَئِكَتَهُ فَضْلَ خِيَارِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)وَ شِيعَةِ عَلِيٍّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)وَ خُلَفَائِهِ(عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)،وَ احْتِمَالَهُمْ فِي جَنْبِ مَحَبَّةِ رَبِّهِمْ مَا لاَ تَحْتَمِلُهُ الْمَلاَئِكَةُ،أَبَانَ بَنِي آدَمَ الْخِيَارَ الْمُتَّقِينَ بِالْفَضْلِ عَلَيْهِمْ.
ثُمَّ قَالَ:فَلِذَلِكَ فَاسْجُدُوا لِآدَمَ لِمَا كَانَ مُشْتَمِلاً عَلَى أَنْوَارِ هَذِهِ الْخَلاَئِقِ الْأَفْضَلِينَ.وَ لَمْ يَكُنْ سُجُودُهُمْ لِآدَمَ، إِنَّمَا كَانَ آدَمُ قِبْلَةً لَهُمْ يَسْجُدُونَ نَحْوَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ،وَ كَانَ بِذَلِكَ مُعَظَّماً مُبَجَّلاً [5] وَ لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ مِنْ دُونِ اللَّهِ،يَخْضَعُ لَهُ خُضُوعَهُ لِلَّهِ،وَ يُعَظِّمُهُ بِالسُّجُودِ لَهُ كَتَعْظِيمِهِ لِلَّهِ.
وَ لَوْ أَمَرْتُ أَحَداً أَنْ يَسْجُدَ هَكَذَا لِغَيْرِ اللَّهِ،لَأَمَرْتُ ضُعَفَاءَ شِيعَتِنَا وَ سَائِرَ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ شِيعَتِنَا أَنْ يَسْجُدُوا
[1] الأعراف 7:22.
[2] الأعراف 7:23.
[3] في المصدر زيادة:قبل أن خلق آدم.
[4] حجّه:غلبه بالحجّة.«الصحاح-حجج-1:304».
[5] في المصدر زيادة:له.