responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البرهان في تفسير القرآن نویسنده : البحراني، السيد هاشم    جلد : 1  صفحه : 179

دَرَجَةً قَدْ أُوثِرَ بِهَا غَيْرُكُمَا-كَمَا أَرَدْتُمَا-بِغَيْرِ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطٰانُ عَنْهٰا عَنِ الْجَنَّةِ،بِوَسْوَسَتِهِ وَ خَدِيعَتِهِ وَ إِيهَامِهِ وَ غُرُورِهِ،بِأَنْ بَدَأَ بِآدَمَ فَقَالَ: مٰا نَهٰاكُمٰا رَبُّكُمٰا عَنْ هٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاّٰ أَنْ تَكُونٰا مَلَكَيْنِ [1]إِنْ تَنَاوَلْتُمَا مِنْهَا تَعْلَمَانِ الْغَيْبَ،وَ تَقْدِرَانِ عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مَنْ خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْقُدْرَةِ أَوْ تَكُونٰا مِنَ الْخٰالِدِينَ [2]لاَ تَمُوتَانِ أَبَداً.

وَ قٰاسَمَهُمٰا [3] حَلَفَ لَهُمَا إِنِّي لَكُمٰا لَمِنَ النّٰاصِحِينَ [4]وَ كَانَ إِبْلِيسُ بَيْنَ لَحْيَيِ [5] الْحَيَّةِ أَدْخَلَتْهُ الْجَنَّةَ،وَ كَانَ آدَمُ يَظُنُّ أَنَّ الْحَيَّةَ هِيَ الَّتِي تُخَاطِبُهُ،وَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ إِبْلِيسَ قَدِ اخْتَفَي بَيْنَ لَحْيَيْهَا.

فَرَدَّ آدَمُ عَلَى الْحَيَّةِ:أَيَّتُهَا الْحَيَّةُ،هَذَا مِنْ غُرُورِ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ،كَيْفَ يَخُونُنَا رَبُّنَا؟أَمْ كَيْفَ تُعَظِّمِينَ اللَّهَ بِالْقَسَمِ بِهِ وَ أَنْتِ تَنْسُبِينَهُ إِلَى الْخِيَانَةِ وَ سُوءِ النَّظَرِ وَ هُوَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ،أَمْ كَيْفَ أَرُومُ التَّوَصُّلَ إِلَى مَا مَنَعَنِي مِنْهُ رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ،وَ أَتَعَاطَاهُ بِغَيْرِ حُكْمِهِ؟! فَلَمَّا يَئِسَ إِبْلِيسُ مِنْ قَبُولِ أَمْرِهِ [6] مِنْهُ،عَادَ ثَانِيَةً بَيْنَ لَحْيَيِ الْحَيَّةِ فَخَاطَبَ حَوَّاءَ مِنْ حَيْثُ يُوهِمُهَا أَنَّ الْحَيَّةَ هِيَ الَّتِي تُخَاطِبُهَا،وَ قَالَ:يَا حَوَّاءُ،أَ رَأَيْتِ هَذِهِ الشَّجَرَةَ الَّتِي كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ حَرَّمَهَا عَلَيْكُمَا،قَدْ أَحَلَّهَا لَكُمَا بَعْدَ تَحْرِيمِهَا لِمَا عَرَفَ مِنْ حُسْنِ طَاعَتِكُمَا،وَ تَوْقِيرِكُمَا إِيَّاهُ؟وَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ الْمُوَكَّلِينَ بِالشَّجَرَةِ-اَلَّتِي مَعَهَا الْحِرَابُ، يَدْفَعُونَ عَنْهَا سَائِرَ حَيَوَانِ الْجَنَّةِ-لاَ تَدْفَعُكِ عَنْهَا،إِنْ رُمْتِهَا [7]،فَاعْلَمِي بِذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ أُحِلَّ لَكِ،وَ أَبْشِرِي بِأَنَّكِ إِنْ تَنَاوَلْتِهَا قَبْلَ آدَمَ كُنْتِ أَنْتِ الْمُسَلِّطَةَ عَلَيْهِ،الْآمِرَةَ النَّاهِيَةَ فَوْقَهُ.

فَقَالَتْ حَوَّاءُ:سَوْفَ أُجَرِّبُ هَذَا.فَرَامَتِ الشَّجَرَةَ فَأَرَادَتِ الْمَلاَئِكَةُ أَنْ تَدْفَعَهَا عَنْهَا بِحِرَابِهَا،فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا:إِنَّمَا تَدْفَعُونَ بِحِرَابِكُمْ مَنْ لاَ عَقْلَ لَهُ يَزْجُرُهُ،فَأَمَّا مَنْ جَعَلْتُهُ مُتَمَكِّناً [8] مُخْتَاراً،فَكِلُوهُ إِلَى عَقْلِهِ [9]الَّذِي جَعَلْتُهُ حُجَّةً عَلَيْهِ،فَإِنْ أَطَاعَ اسْتَحَقَّ ثَوَابِي،وَ إِنْ عَصَى وَ خَالَفَ أَمْرِي اسْتَحَقَّ عِقَابِي وَ جَزَائِي،فَتَرَكُوهَا وَ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهَا،بَعْدَ مَا هَمُّوا بِمَنْعِهَا بِحِرَابِهِمْ،فَظَنَّتْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَهَاهُمْ عَنْ مَنْعِهَا لِأَنَّهُ قَدْ أَحَلَّهَا بَعْدَ مَا حَرَّمَهَا.

فَقَالَتْ:صَدَقَتِ الْحَيَّةُ.وَ ظَنَّتْ أَنَّ الْمُخَاطِبَ لَهَا هِيَ الْحَيَّةُ،فَتَنَاوَلَتْ مِنْهَا وَ لَمْ تُنْكِرْ [10] مِنْ نَفْسِهَا شَيْئاً.

فَقَالَتْ:يَا آدَمُ،أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الشَّجَرَةَ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْنَا قَدْ أُبِيحَتْ لَنَا؟تَنَاوَلْتُ مِنْهَا فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَمْلاَكُهَا،وَ لَمْ أُنْكِرْ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ.


[1] [2] الأعراف 7:20.

[3] [4] الأعراف 7:21.

[5] اللحي:عظم الحنك،و اللّحيان:العظمان اللّذان تنبت اللحية على بشرتهما.«مجمع البحرين-لحا-1:373».

[6] في المصدر:آدم.

[7] رمت الشيء:إذا طلبته«الصحاح-روم-5:1938».

[8] في المصدر:ممكنا مميّزا.

[9] وكل فلانا إلى رأيه:تركه و لم يعنه.«معجم الوسيط 2:1054».

[10] التنكّر:التغيّر.«لسان العرب-نكر-5:234».

نام کتاب : البرهان في تفسير القرآن نویسنده : البحراني، السيد هاشم    جلد : 1  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست