فَقَالَ إِبْلِيسُ:يَا رَبِّ،وَ كَيْفَ وَ أَنْتَ الْعَدْلُ الَّذِي لاَ يَجُورُ وَ لاَ يَظْلِمُ،فَثَوَابُ عَمَلِي بَطَلَ؟! قَالَ:لاَ،وَ لَكِنْ سَلْنِي مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا مَا شِئْتَ ثَوَاباً لِعَمَلِكَ فَأُعْطِيَكَ.فَأَوَّلُ مَا سَأَلَ الْبَقَاءُ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،فَقَالَ اللَّهُ:قَدْ أَعْطَيْتُكَ.قَالَ:سَلِّطْنِي عَلَى وُلْدِ آدَمَ،فَقَالَ:سَلَّطْتُكَ.قَالَ:أَجْرِنِي فِيهِمْ كَمَجْرَى الدَّمِ فِي الْعُرُوقِ،فَقَالَ:قَدْ أَجْرَيْتُكَ.قَالَ:لاَ يُولَدُ لَهُمْ وَلَدٌ إِلاَّ وُلِدَ لِي اثْنَانِ،وَ أَرَاهُمْ وَ لاَ يَرَوْنِي،وَ أَتَصَوَّرُ لَهُمْ فِي كُلِّ صُورَةٍ شِئْتُ،فَقَالَ:قَدْ أَعْطَيْتُكَ.
قَالَ:يَا رَبِّ زِدْنِي؛قَالَ:قَدْ جَعَلْتُ لَكَ وَ لِذُرِّيَّتِكَ صُدُورَهُمْ [1] أَوْطَاناً،قَالَ:رَبِّ،حَسْبِي.فَقَالَ إِبْلِيسُ عِنْدَ ذَلِكَ: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلاّٰ عِبٰادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [2]ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمٰانِهِمْ وَ عَنْ شَمٰائِلِهِمْ وَ لاٰ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شٰاكِرِينَ [3]».
99-/387 _6- وَ عَنْهُ،قَالَ:حَدَّثَنِي أَبِي،عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ،عَنْ جَمِيلٍ،عَنْ زُرَارَةَ،عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،قَالَ:
«لَمَّا أَعْطَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِبْلِيسَ مَا أَعْطَاهُ مِنَ الْقُوَّةِ،قَالَ آدَمُ:يَا رَبِّ،سَلَّطْتَ إِبْلِيسَ عَلَى وُلْدِي،وَ أَجْرَيْتَهُ فِيهِمْ مَجْرَى الدَّمِ فِي الْعُرُوقِ،وَ أَعْطَيْتَهُ مَا أَعْطَيْتَهُ،فَمَا لِي وَ لِوُلْدِي؟فَقَالَ:لَكَ وَ لِوُلْدِكَ السَّيِّئَةُ بِوَاحِدَةٍ،وَ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا.
قَالَ:رَبِّ،زِدْنِي.قَالَ:اَلتَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ إِلَى حِينَ تَبْلُغُ النَّفْسُ الْحُلْقُومَ.
قَالَ:يَا رَبِّ،زِدْنِي.قَالَ:أَغْفِرُ وَ لاَ أُبَالِي؛قَالَ:حَسْبِي».
قَالَ:قُلْتُ لَهُ:جُعِلْتُ فِدَاكَ،بِمَاذَا اسْتَوْجَبَ إِبْلِيسُ مِنَ اللَّهِ أَنْ أَعْطَاهُ مَا أَعْطَاهُ؟فَقَالَ:«بِشَيْءٍ كَانَ مِنْهُ شَكَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ».
قُلْتُ:وَ مَا كَانَ مِنْهُ،جُعِلْتُ فِدَاكَ؟قَالَ:«رَكْعَتَانِ رَكَعَهُمَا فِي السَّمَاءِ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفِ سَنَةٍ».
99-/388 _7- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ:عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ،عَنْ أَبِيهِ،عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ،عَنْ جَمِيلٍ،قَالَ: كَانَ الطَّيَّارُ [4]يَقُولُ لِي:إِبْلِيسُ لَيْسَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ،وَ إِنَّمَا أُمِرَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ،فَقَالَ إِبْلِيسُ:لاَ أَسْجُدُ،فَمَا لِإِبْلِيسَ يَعْصِي حِينَ لَمْ يَسْجُدْ،وَ لَيْسَ هُوَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟! قَالَ:فَدَخَلْتُ أَنَا وَ هُوَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،قَالَ:فَأَحْسَنَ وَ اللَّهِ فِي الْمَسْأَلَةِ؛فَقَالَ:جُعِلْتُ فِدَاكَ [أَ رَأَيْتَ]مَا نَدَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ قَوْلِهِ: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [5]أَ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْمُنَافِقُونَ
[1] في المصدر:جعلت لك في صدورهم.
[2] سورة ص 38:82 و 83.
[3] الأعراف 7:17.
[4] و هو حمزة بن محمّد الطيّار،كوفيّ من أصحاب الصّادق(عليه السّلام).«معجم رجال الحديث 6:278».
[5] البقرة 2:104.