فَلَمَّا عَجَزُوا بَعْدَ التَّقْرِيعِ [1] وَ التَّحَدِّي،قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هٰذَا الْقُرْآنِ لاٰ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كٰانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً » [2].
99-/354 _2- قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): «وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ إِنْ كُنْتُمْ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ وَ الْيَهُودُ، وَ سَائِرُ النَّوَاصِبِ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ بِمُحَمَّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فِي الْقُرْآنِ،وَ فِي تَفْضِيلِهِ أَخَاهُ عَلِيّاً(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)الْمُبَرَّزَ عَلَى الْفَاضِلِينَ،الْفَاضِلَ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ،الَّذِي لاَ نَظِيرَ لَهُ فِي نُصْرَةِ الْمُتَّقِينَ،وَ قَمْعِ الْفَاسِقِينَ،وَ إِهْلاَكِ الْكَافِرِينَ،وَ بَثِّ دِينِ اللَّهِ فِي الْعَالَمِينَ.
وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّٰا نَزَّلْنٰا عَلىٰ عَبْدِنٰا فِي إِبْطَالِ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ دُونِ اللَّهِ،وَ فِي النَّهْيِ عَنْ مُوَالاَةِ أَعْدَاءِ اللَّهِ،وَ مُعَادَاةِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ،وَ فِي الْحَثِّ عَلَى الاِنْقِيَادِ لِأَخِي رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ اتِّخَاذِهِ إِمَاماً،وَ اعْتِقَادِهِ فَاضِلاً رَاجِحاً،لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَاناً إِلاَّ بِهِ،وَ لاَ طَاعَةً إِلاَّ بِمُوَالاَتِهِ،وَ تَظُنُّونَ أَنَّ مُحَمَّداً تَقَوَّلَهُ مِنْ عِنْدِهِ،وَ يَنْسُبُهُ إِلَى رَبِّهِ[فَإِنْ كَانَ كَمَا تَظُنُّونَ] فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ أَيْ مِثْلِ مُحَمَّدٍ،أُمِّيٍّ لَمْ يَخْتَلِفْ إِلَى أَصْحَابِ كُتُبٍ قَطُّ، وَ لاَ تَتَلْمَذَ لِأَحَدٍ،وَ لاَ تَعَلَّمَ مِنْهُ،وَ هُوَ مَنْ قَدْ عَرَفْتُمُوهُ فِي حَضَرِهِ وَ سَفَرِهِ،وَ لَمْ [3] يُفَارِقْكُمْ قَطُّ إِلَى بَلَدٍ وَ لَيْسَ مَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْكُمْ يُرَاعُونَ أَحْوَالَهُ،وَ يَعْرِفُونَ أَخْبَارَهُ.
ثُمَّ جَاءَكُمْ بِهَذَا الْكِتَابِ،الْمُشْتَمِلِ عَلَى هَذِهِ الْعَجَائِبِ،فَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّلاً-كَمَا تَزْعُمُونَ-فَأَنْتُمُ الْفُصَحَاءُ، وَ الْبُلْغَاءُ،وَ الشُّعَرَاءُ،وَ الْأُدَبَاءُ الَّذِينَ لاَ نَظِيرَ لَكُمْ فِي سَائِرِ الْأَدْيَانِ،وَ مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ،وَ إِنْ كَانَ كَاذِباً فَاللُّغَةُ لُغَتُكُمْ، وَ جِنْسُهُ جِنْسُكُمْ،وَ طَبْعُهُ طَبْعُكُمْ،وَ سَيَتَّفِقُ لِجَمَاعَتِكُمْ-أَوْ لِبَعْضِكُمْ-مُعَارَضَةُ كَلاَمِهِ هَذَا بِأَفْضَلَ مِنْهُ أَوْ مِثْلِهِ.
لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الْبَشَرِ،لاَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ،فَلاَ يَجُوزُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِي الْبَشَرِ مَنْ يَتَمَكَّنُ مِنْ مِثْلِهِ،فَأْتُوا بِذَلِكَ لِتَعْرِفُوهُ-وَ سَائِرَ النَّظَائِرِ إِلَيْكُمْ فِي أَحْوَالِكُمْ-أَنَّهُ مُبْطِلٌ كَاذِبٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَ ادْعُوا شُهَدٰاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللّٰهِ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ بِزَعْمِكُمْ أَنَّكُمْ مُحِقُّونَ،وَ أَنَّ مَا تَجِيئُونَ بِهِ نَظِيرٌ لِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ شُهَدَاؤُكُمْ الَّذِينَ تَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ شُهَدَاؤُكُمْ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ لِعِبَادَتِكُمْ لَهَا،وَ تَشْفَعُ لَكُمْ إِلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ صٰادِقِينَ فِي قَوْلِكُمْ:
أَنَّ مُحَمَّداً(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)تَقَوَّلَهُ.
ثُمَّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا هَذَا الَّذِي تَحَدَّيْتُكُمْ بِهِ وَ لَنْ تَفْعَلُوا أَيْ وَ لاَ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْكُمْ، وَ لاَ تَقْدِرُونَ عَلَيْهِ،فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُبْطِلُونَ،وَ أَنَّ مُحَمَّداً الصَّادِقُ الْأَمِينُ الْمَخْصُوصُ بِرِسَالَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ،الْمُؤَيَّدُ بِالرُّوحِ الْأَمِينِ،وَ بِأَخِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ،فَصَدِّقُوهُ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَوَامِرِهِ وَ نَوَاهِيهِ، وَ فِيمَا يَذْكُرُهُ مِنْ فَضْلِ عَلِيٍّ وَصِيِّهِ وَ أَخِيهِ، فَاتَّقُوا بِذَلِكَ عَذَابَ اَلنّٰارَ الَّتِي وَقُودُهَا -حَطَبُهَا- اَلنّٰاسُ وَ الْحِجٰارَةُ حِجَارَةُ الْكِبْرِيتِ،أَشَدُّ الْأَشْيَاءِ حَرّاً أُعِدَّتْ تِلْكَ النَّارُ لِلْكٰافِرِينَ بِمُحَمَّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،
[1] التقريع:التعنيف.«الصحاح-قرع-3:1264».
[2] الإسراء 17:88.
[3] في«س»و«ط»:و لا.