وَ(لَعَلَّ)مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ،لِأَنَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُعَنِّيَ [1] عَبْدَهُ بِلاَ مَنْفَعَةٍ،وَ يُطْمِعَهُ فِي فَضْلِهِ ثُمَّ يُخَيِّبَهُ،أَ لاَ تَرَاهُ كَيْفَ قَبُحَ مِنْ عَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ،إِذَا قَالَ لِرَجُلٍ:اُخْدُمْنِي لَعَلَّكَ تَنْتَفِعُ بِي،وَ لَعَلِّي أَنْفَعُكَ بِهَا؛فَيَخْدُمُهُ،ثُمَّ يُخَيِّبُهُ وَ لاَ يَنْفَعُهُ، فَاللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَكْرَمُ فِي أَفْعَالِهِ،وَ أَبْعَدُ مِنَ الْقَبِيحِ فِي أَعْمَالِهِ مِنْ عِبَادِهِ».
قوله تعالى:
اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرٰاشاً وَ السَّمٰاءَ بِنٰاءً وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرٰاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلاٰ تَجْعَلُوا لِلّٰهِ أَنْدٰاداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[22]
99-/352 _1- ابْنُ بَابَوَيْهِ،قَالَ:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْمُفَسِّرُ(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)،قَالَ:حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ،وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَيَّارٍ،عَنْ أَبَوَيْهِمَا،عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ،عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ،عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا،عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ،عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ،عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ،عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ(عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ) فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرٰاشاً وَ السَّمٰاءَ بِنٰاءً .
قَالَ:«جَعَلَهَا مُلاَئِمَةً لِطَبَائِعِكُمْ،مُوَافِقَةً لِأَجْسَادِكُمْ،وَ لَمْ يَجْعَلْهَا شَدِيدَةَ الْحَمْيِ وَ الْحَرَارَةِ فَتُحْرِقَكُمْ،وَ لاَ شَدِيدَةَ الْبُرُودَةِ فَتُجْمِدَكُمْ،وَ لاَ شَدِيدَةَ الرِّيحِ فَتُصَدِّعَ هَامَاتِكُمْ،وَ لاَ شَدِيدَةَ النَّتْنِ فَتُعْطِبَكُمْ [2]،وَ لاَ شَدِيدَةَ اللِّينِ كَالْمَاءِ فَتُغْرِقَكُمْ،وَ لاَ شَدِيدَةَ الصَّلاَبَةِ فَتَمْتَنِعَ عَلَيْكُمْ فِي دُورِكُمْ،وَ أَبْنِيَتِكُمْ،وَ قُبُورِ مَوْتَاكُمْ.وَ لَكِنَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ فِيهَا مِنَ الْمَتَانَةِ مَا تَنْتَفِعُونَ بِهِ،وَ تَتَمَاسَكُونَ،وَ تَتَمَاسَكُ عَلَيْهَا أَبْدَانُكُمْ وَ بُنْيَانُكُمْ،وَ جَعَلَ فِيهَا مَا تَنْقَادُ بِهِ لِدُورِكُمْ، وَ قُبُورِكُمْ،وَ كَثِيرٍ مِنْ مَنَافِعِكُمْ،فَلِذَلِكَ جَعَلَ الْأَرْضَ فِرَاشاً لَكُمْ.
ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ السَّمٰاءَ بِنٰاءً أَيْ سَقْفاً مَحْفُوظاً،يُدِيرُ فِيهَا شَمْسَهَا وَ قَمَرَهَا،وَ نُجُومَهَا لِمَنَافِعِكُمْ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً يَعْنِي الْمَطَرَ،[نَزَّلَهُ]مِنْ أَعْلَى لِيَبْلُغَ قُلَلَ جِبَالِكُمْ،وَ تِلاَلِكُمْ، وَ هِضَابِكُمْ وَ أَوْهَادِكُمْ [3]،ثُمَّ فَرَّقَهُ رَذَاذاً [4]،وَ وَابِلاً [5]،وَ هَطْلاً [6] لِتَنْشَفَهُ [7] أَرَضُوكُمْ،وَ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ الْمَطَرَ نَازِلاً
[1] العناء:التعب و النصب.«مجمع البحرين-عنا-1:308.»
[2] العطب:الهلاك،و أعطبه:أهلكه.«الصحاح-عطب-1:184».
[3] الوهدة:المكان المطمئنّ.«الصحاح-وهد-2:554».
[4] الرّذاذ:المطر الضعيف.«الصحاح-رذذ-2:565».
[5] الوابل:المطر الشديد.«الصحاح-وبل-5:1840».
[6] الهطل:تتابع المطر.«الصحاح-هطل-5:1850».
[7] نشف الحوض الماء:شربه،و تنشّفه كذلك.«الصحاح-نشف-4:1432».