ومهما يكن من أمر
فقد نشط التفسير بالرأي بالمعنى السليم للرأي في العالم الإسلامي منذ هذا التاريخ
، من دون إنكار تقريبا من قبل جمهور علماء المسلمين ، واتسعت حركة التفسير بالرأي
، وساهم في هذه الحركة كل المذاهب الفكرية الإسلامية تقريبا ، وأبرز هذه المذاهب :
الإمامية ، والأشاعرة ، والمعتزلة.
وقد ألف الشيخ
الطوسي ، من أبرز فقهاء الإمامية ، (تفسير التبيان) بهذا الاتجاه ، وألف فخر الدين
الرازي من الأشاعرة (التفسير الكبير) بهذا الاتجاه أيضا ، كما ألف جار الله
الزمخشري من المعتزلة (تفسير الكشاف) في نفس الاتجاه.
وأصبح التفسير
بالرأي مقبولا من قبل الجميع ، ولكن الرأي الذي يسنده الدليل والبرهان القطعي ،
أما الرأي الذي لا يسنده دليل وبرهان ، ويعتمد الظن فلا يغني عن الحق شيئا.
على أن التفسير
بالرأي يجب ألا يتجاوز حدود محكمات القرآن ، أما متشابه القرآن فلا يعلمه إلا الله
والراسخون في العلم ، ولا يصح أن يعتمد المفسر رأيه في تفسير متشابهات القرآن ،
ولسنا الآن بصدد تفصيل وشرح هذه النقطة.
٢ ـ التفسير بالمأثور : ذكرنا أن التفسير بالمأثور كمنهج علمي ومدرسة في تفسير
القرآن ، في مقابل التفسير بالرأي ، لم يعد له وجود فعلي ومؤثر في الوقت الحاضر.
فقد أصبح تفسير القرآن بالرأي هو المنهج السائد.
ولكن يبقى «الحديث»
هو المصدر الأول ـ بعد القرآن ـ في تفسير القرآن ، ولا يستغني المفسر عن «الحديث»
في تفسير القرآن ، فلا رأي في مقابل «الحديث» ، ولا رأي في عرض الحديث ، وإنما يصح
الرأي إذا كان لا يعارض الحديث ، ولا بد إذن أن يتأكد المفسر من الروايات الواردة
في تفسير الآية ، قبل أن يمارس هو فيها الرأي والنظر والاجتهاد.
ولذلك فإن
الاهتمام بالروايات الواردة في تفسير القرآن يعتبر من مقومات الجهد العلمي في
تفسير القرآن ، ومن هنا اهتم نفر من العلماء المتخصصين في القرآن بتجميع وتنظيم
الروايات الواردة في تفسير القرآن لتيسير مهمة مفسري القرآن.
فمن تفاسير أهل
السنة في هذا الحقل :
١ ـ الدر المنثور
في التفسير بالمأثور ، لجلال الدين السيوطي.