136- 3 الكافي، 1/ 44/ 2/ 1 عنه
عن ابن عيسى عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن الصيقل قال سمعت أبا عبد اللَّه ع يقوللا يقبل اللَّه عملا إلا بمعرفة و لا معرفة
إلا بعمل فمن عرف دلته المعرفة[2]على العمل و من لم يعمل فلا معرفة له ألا إن الإيمان بعضه من بعض.
بيان
و لا معرفة لا لنفي الجنس و ليس للعطف كما قد يظن[3] و تحقيق المقام
أن كل معرفة تثمر حالا و صفاء في النفس و كل حال يحمل صاحبه على عمل و طاعة و كل طاعة
تثمر حالا آخر و صفاء غير الأول و هو يثمر معرفة أخرى سوى الأولى و هكذا يتكامل إيمان
المرء بالمعرفة و الطاعة حتى بلغ الغاية و خلص من التعب و المشقة و استقر في مقام الأمن
و الراحة واصلا إلى عين اليقين.
و قد ضربنا لذلك مثلا في مقدمة الكتاب فمن لا معرفة
له بالله و اليوم الآخر فكيف يعبده أم كيف ينوي التقرب إليه أو يخضع له أو يشتاق لقاءه
مع أن هذه كلها هي روح العبادة و قوامها و من لا عبادة له و لا رياضة شرعية كيف يصفي
نفسه و يرق
[2] . قوله «فمن عرف دلته ...»
تفصيل و تبيين لما ذكر قبله إجمالا و المراد أنّ المعرفة من شأنها الدلالة
و الايصال إلى العمل و العمل من آثارها المترتبة عليها، و من لم يترتب أثر المعرفة
على ما فيه و يظنّه معرفة فإمّا لعدم كونه معرفة في ذاته (أي جهلا مركبا) أو لعدم كونه
معرفة له أي ثابتة مؤكدة الثبوت له ظاهرة فيه غالبة على أضدادها فالحالة الحاصلة في
الشخص من اجتماع ما للقلب و القوّة العقليّة و ما للقوى الخيالية و الوهمية و ما للقوى
الشهوانية و الغضبية لا كمالية و لا معدودة معرفة كالمركب من المسك و القاذورات لا
يشم منه إلّا المركب من كيفيتهما، و هو النتن لا الطيب.
فلا يقال لرائحة المسك المخلوطة بنتن القاذورات
عند الاختلاط عرف و ريح طيبه و لا يكون مستعمل المسك على هذا النحو مستعملا للطيب كذا
المعرفة المنغمرة في الأهواء و المنى و الجهات الداعية الى الشرّ و الفساد لا يكون
معرفة و لا يكون صاحبها على هذا النحو سالكا طريق النجاة بل الحالة المركبة من جميع
هذه الأمور أقوى في الايصال إلى الضلال و الهلاك. رفيع- (رحمه اللّه).
[3] . لأن معناه حينئذ و لا
يقبل اللّه معرفة إلّا بعمل و مفاده أن المعرفة بدون العمل متحققة لكنها غير مقبولة
و فيه ما فيه اذ العمل هو السبب في انشراح الصدر بنور المعرفة فلا يتحقّق بدونه حتّى
يكون مقبولة أو غير مقبولة (عهد) رحمه اللّه.
نام کتاب : الوافي نویسنده : الفيض الكاشاني جلد : 1 صفحه : 201