سلّمت الأدراع إليّ و إمّا أن قتلت
ابنك. فأبى السموأل أن يسلم إليه الأدراع؛ فضرب الحارث وسط الغلام بالسيف فقطعه
قطعتين، فيقال: إن جريرا حين قال للفرزدق:
قال: فجاء شريح
إلى الكلبيّ فقال له: هب لي هذا الأسير المضرور. فقال: هو لك، فأطلقه. و قال: أقم
عندي حتى أكرمك و أحبوك. فقال له الأعشى: إنّ من تمام صنيعتك أن تعطيني ناقة نجيبة
و تخلّيني الساعة. قال:
فأعطاه ناقة
فركبها و مضى من ساعته. و بلغ الكلبيّ أنّ الذي وهب لشريح هو الأعشى. فأرسل إلى
شريح: ابعث إلى الأسير الذي وهبت لك حتى أحبوه و أعطيه. فقال: قد مضى. فأرسل
الكلبيّ في أثره فلم يلحقه.
مدح عامر بن
الطفيل و هجا علقمة بن علاثة:
حدّثنا ابن
علاثة عن محمد العبّاس اليزيديّ قال حدّثنا سليمان بن أبي شيخ قال حدّثنا يحيى بن
سعيد بن يحيى الأمويّ عن محمد بن السائب قال:
أتى الأعشى
الأسود العنسيّ [2] و قد امتدحه فاستبطأ جائزته. فقال الأسود: ليس عندنا عين و لكن
نعطيك عرضا، فأعطاه خمسمائة مثقال دهنا و بخمسمائة حللا و عنبرا. فلمّا مرّ ببلاد
بني عامر خافهم على ما معه، فأتى علقمة [3] بن علاثة فقال له: أجرني، فقال: قد
أجرتك. قال: من الجنّ و الإنس؟ قال نعم. قال: و من الموت؟ قال لا. فأتى عامر بن
الطّفيل فقال: أجرني، قد أجرتك. قال: من الجنّ/ و الإنس؟ قال نعم. قال: و من
الموت؟ قال نعم. قال: و كيف تجيرني من الموت؟ قال: إن متّ و أنت في جواري بعثت إلى
أهلك الدّية. فقال: الآن علمت أنك قد أجرتني من الموت. فمدح عامرا و هجا علقمة.
فقال علقمة: لو علمت الذي أراد كنت أعطيته إيّاه.
قال الكلبيّ: و
لم يهج علقمة بشيء أشدّ عليه من قوله:
تبيتون في المشتى
ملاء بطونكم
و جاراتكم غرثى
يبتن خمائصا
فرفع علقمة
يديه و قال: لعنه اللّه! إن كان كاذبا! أ نحن نفعل هذا بجاراتنا!. و أخبار الأعشى
و علقمة و عامر تأتي مشروحة في خبر منافرتهما إن شاء اللّه تعالى.
[1]
أبو رغوان: لقب مجاشع، و هو مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة.
[2] هو عبهلة
بن كعب بن غوث يلقب ذا الخمار، خرج بعد حجة الوداع في عامّة مذ حج و ادّعى النبوّة
و كان كاهنا شعباذا (مشعوذا) و كان يريهم الأعاجيب و يسبي قلوب من سمع منطقه، قتله
فيروز و داذويه و قيس غيلة. (انظر «تاريخ الطبري» ق 1 ص 1795- 1798، 1853- 1870).
[3] هو علقمة
بن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب، أسلم في عهد النبي صلى اللّه عليه و
سلم ثم ارتد بعد فتح الطائف و خرج حتى لحق بالشام ثم أسلم أيام أبي بكر رضي اللّه
عنه. (الطبري ق 1 ص 1899- 1900).