ملّكه. قال: و لما أقبل المنذر [1] إلى
الحيرة هرب الحارث و تبعته خيل فقتلت ابنه عمرا و قتلوا ابنه مالكا بهيت [2].
و صار الحارث
إلى مسحلان [3] فقتلته كلب. و زعم غير ابن قتيبة أنه مكث فيهم حتى مات حتف أنفه.
الحارث بن
عمرو و تمليكه أولاده على قبائل العرب:
و قال الهيثم
بن عديّ حدّثني حمّاد الراوية عن سعيد بن عمرو بن سعيد عن سعية [4] بن عريض من
يهود تيماء قال: لمّا قتل الحارث بن أبي شمر الغسّانيّ عمرو بن حجر ملّك بعده ابنه
الحارث بن عمرو، و أمّه بنت عوف بن محلّم بن ذهل بن شيبان و نزل الحيرة. فلما
تفاسدت القبائل من نزار أتاه أشرافهم فقالوا: إنّا في دينك و نحن نخاف أن نتفانى
فيما يحدث بيننا، فوجّه معنا بنيك ينزلون فينا فيكفّون بعضنا عن بعض. ففرّق ولده
في قبائل العرب، فملّك ابنه حجرا على بني أسد و غطفان/ و ملّك ابنه شرحبيل قتيل يوم
الكلاب [5] على بكر بن وائل بأسرها و بني حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم [6] و
الرّباب. و ملّك ابنه معد يكرب و هو غلفاء [7] (سمّي بذلك لأنه كان يغلّف رأسه)
على بني تغلب و النّمر بن قاسط و سعد بن زيد مناة و طوائف من بني دارم [بن مالك]
بن حنظلة و الصنائع و هم بنو رقيّة قوم كانوا يكونون مع الملوك من شذّاذ العرب. و
ملّك ابنه عبد اللّه على عبد القيس، و ملّك ابنه سلمة على قيس.
مقتل حجر أبي
امرئ القيس:
و قال ابن
الكلبيّ حدّثني أبي: أنّ حجرا كان في بني أسد، و كانت له عليهم إتاوة في كل سنة
مؤقّتة؛ فغبر [8]
[1]
كذا في ج و هو المناسب لما سبق في هذه القصة. و في سائر الأصول: «من الحيرة» و هو
تحريف.
[2] هيت:
بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار.
[5] الكلاب
(بضم أوله): اسم ماء بين الكوفة و البصرة، و قيل ماء بين جبلة و شمام. و كان للعرب
يومان مشهوران بيوم الكلاب. فأمّا الأول فإن الحارث بن عمرو فرق أولاده على
القبائل ملوكا كما ذكر المؤلف؛ فلما مات تداعت القبائل و تحزبت فوقعت حرب بين
ولديه شرحبيل و أصحابه، و سلمة و أصحابه، فقتل شرحبيل يومئذ. و قد أشار إليه امرؤ
القيس في قصيدته التي مطلعها:
أرانا موضعين لحتم
غيب
و نسحر بالطعام و
بالشراب
فقال:
و أعلم أنني عما
قليل
سأنشب في شبا ظفر
و ناب
كما لاقى أبي حجر
و جدّي
و لا أنسى قتيلا
في الكلاب
و أما الكلاب
الثاني فكان بين بني سعد و الرباب، و بين بني الحارث بن كعب و قبائل اليمن، قتل
فيه عبد يغوث بن صلاة الحارثي بعد أن أسر، و قال و هو مأسور قصيدته المشهورة التي
مطلعها:
أيا راكبا إما
عرضت فبلغن
نداماي من نجران
أن لا تلاقيا
(راجع «معجم البلدان» لياقوت).
[6] في ب، س،
ح: «... و بني حنظلة بن مالك بن زيد مناة و طوائف من بني دارم بن تميم» بزيادة «و
طوائف من بني دارم» و اعلم عليها في ح بالمداد الأحمر كأنه ترميج لها.
[7] كذا في
نسخة الأستاذ الشنقيطي مصححة بقلمه و «اللسان» (مادة غلف) و «معجم البلدان» (في
الكلام على الكلاب). و في الأصول: