قال المدائنيّ:
و بلغ خالدا القسريّ ما عزم عليه هشام، فقال: أنا بريء من خليفة يكنى أبا شاكر؛
فبلغت هشاما عنه هذه، فكان ذلك سبب إيقاعه به.
تساب هو و
العباس بن الوليد في مجلس هشام
: أخبرني محمد
بن الحسن الكنديّ المؤدّب قال حدّثني أبي عن العباس بن هشام قال:
دخل الوليد بن
يزيد يوما مجلس هشام بن عبد الملك و قد كان في ذكره قبل أن يدخل، فحمّقه من حضر من
بني أميّة. فلما جلس قال له العباس بن الوليد و عمر بن عبد الوليد: كيف حبّك يا
وليد للروميّات، فإنّ أباك كان بهنّ مشغوفا؟ قال: إني لأحبهنّ؛ و كيف لا أحبهنّ و
لن تزال الواحدة منهن قد جاءت بالهجين مثلك- و كانت أمّ العباس روميّة- قال: اسكت
فليس الفحل يأتي عسبه [2] بمثلي؛ فقال/ له الوليد: اسكت يا بن البظراء! قال: أ
تفخر عليّ بما قطع من بظر أمك. و أقبل هشام على الوليد فقال له: ما شرابك؟ قال:
شرابك يا أمير المؤمنين؛ و قام مغضبا فخرج. فقال هشام: أ هذا الذي تزعمون أنّه
أحمق! ما هو أحمق، و لكني لا أظنّه على الملّة.
دخل مجلس
هشام فعبث بمن كان فيه من وجوه بني أمية
: أخبرني محمد
بن العباس اليزيديّ قال أخبرنا أحمد بن الحارث الخرّاز عن المدائنيّ قال:
دخل الوليد بن
يزيد يوما مجلس هشام/ بن عبد الملك و فيه سعيد بن هشام بن عبد الملك و أبو الزّبير
مولى مروان و ليس هشام حاضرا؛ فجلس الوليد مجلس هشام، ثم أقبل على سعيد بن هشام
فقال له: من أنت؟ و هو به عارف؛ قال: سعيد ابن أمير المؤمنين؛ قال: مرحبا بك. ثم
نظر إلى أبي الزبير فقال: من أنت؟ قال: أبو الزبير مولاك أيها الأمير؛ قال: أنسطاس
أنت؟ مرحبا بك. ثم قال لإبراهيم بن هشام: من أنت؟ قال: إبراهيم بن هشام.
قال: من
إبراهيم بن هشام؟ و هو يعرفه؛ قال: إبراهيم بن هشام بن إسماعيل. قال: من إسماعيل؟
و هو يعرفه؛ قال: إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة. قال: من الوليد بن
المغيرة؟ قال: الذي لم يكن جدّك يرى أنه في شيء حتى زوّجه أبي و هو بعض ولد
ابنته. قال: يا بن اللّخناء! أ تقول هذا! و ائتخذا [3]. و أقبل هشام؛ فقيل لهما:
قد جاء أمير المؤمنين، فجلسا و كفّا. و دخل هشام؛ فما كاد الوليد يتنحّى له عن صدر
مجلسه، إلا أنه زحل [4] له قليلا؛ فجلس هشام و قال له: كيف أنت يا وليد؟ قال:
صالح. قال: ما فعلت/ برابطك [5]؟ قال: معملة أو مستعملة. قال: فما فعل ندماؤك؟
قال: صالحون، و لعنهم اللّه إن كانوا شرّا ممّن حضرك؛ و قام؛ فقال له هشام:
يا بن
اللّخناء! جئوا عنقه؛ فلم يفعلوا و دفعوه رويدا. فقال الوليد:
أنا ابن أبي العاصي و عثمان والدي
و مروان جدّي ذو الفعال و عامر
[1]
البازل من الإبل: الذي استكمل السنة الثامنة و طعن في التاسعة.
[2] العسب:
طرق الفحل، و قيل: هو ماء الفحل فرسا كان أو بعيرا: يقال: قطع اللّه عسبه أي ماءه
و نسله.