و
كيف مع معرفتك بي تقدم على الشهادة عندي! فقال له: إني تخوّفت إكراهه، و لقد
افتديت شهادتي عندك بمال فلم يقبل منّي فأقمتها [1]؛ فلا يقبل اللّه لك صرفا و لا
عدلا إن قبلتها، و قام من عنده؛ و لم يقدر سوّار له على شيء لما تقدّم به المنصور
إليه في أمره، و اغتاظ غيظا شديدا و انصرف من مجلسه فلم يقض يومئذ بين اثنين. ثم
إن سوّارا اعتلّ علّته التي مات فيها فلم يقدر السيّد على هجائه في حياته لنهي
المنصور إيّاه عن ذلك. و مات سوّار فأخرج عشيّا و حفر له، فوقع الحفر في موضع
كنيف. و كان بين الأزد و بين تميم عداوة، فمات عقب [2] موته عبّاد بن حبيب بن المهلّب؛
فهجا السيّد سوّارا في قصيدة رثى بها عبّادا و دفعها إلى نواتح الأزد لما بينهم و
بين تميم من العداوة و لقربهم من دار سوّار ينحن [3] بها، و أوّلها:
: أخبرني أحمد
بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثني عليّ بن محمد البقّال قال حدّثنا شيبان بن محمد
الحرّاني- و كان يلقّب بعوضة و صار من سادات الأزد- قال:
كان السيّد
جاري، و كان أدلم [6]، و كان ينادم فتيانا من فتيان الحيّ فيهم فتى مثله أدلم غليظ
الأنف و الشّفتين مزنّج الخلقة. و كان السيّد من أنتن الناس إبطين. و كانا
يتمازحان، فيقول له السيّد: أنت زنجيّ الأنف و الشّفتين، و يقول الفتى للسيّد: أنت
زنجيّ اللون و الإبطين. فقال السيّد:
[4] برهوت:
بئر عميقة بحضرموت لا يستطاع النزول إلى قعرها. و يشير بقوله: «حتى هوت قعر برهوت»
إلى ما ورد في هذه البئر من أنها مأوى أرواح الكفار و المنافقين.