من غسّان، و يقال: إنّهم حيّ من قضاعة نزول في غسّان)، فقال: إنّا
جئناك في أمر فما هو؟ قال: جئتم في قسيّ، و قسيّ من ولد ثمود القديم، ولدته أمّه
بصحراء بريم [1]، فالتقطه إياد و هو عديم، فاستعبده و هو مليم [2]. فرجع الظّرب و
هو لا يدري ما يصنع في أمره، و قد وكّد عليه في الحلف و التزويج؛ و كانوا على
كفرهم يوفون بالقول.
فلهذا يقول من
قال: إنّ ثقيفا من ثمود؛ لأن إيادا من ثمود.
قال: و قد قيل:
إنّ حربا كانت بين إياد و بين قيس، و كان رئيسهم عامر بن الظّرب، فظفرت بهم قيس،
فنفتهم إلى ثمود و أنكروا أن يكونوا من نزار.
قال: و قال
عامر بن الظّرب في ذلك:
قالت إياد قد رأينا نسبا
في ابني نزار و رأينا غلبا
سيري إياد قد رأينا عجبا
لا أصلكم منّا فسامي الطّلبا
دار ثمود إذ رأيت السّببا
/ قال: و قد روي عن الأعمش أنّ عليّ بن أبي
طالب رضي اللّه تعالى عنه قال [3] على المنبر بالكوفة و ذكر ثقيفا: لقد هممت أن
أضع على ثقيف الجزية؛ لأنّ ثقيفا كان عبدا لصالح/ نبيّ اللّه عليه السّلام، و إنّه
سرّحه إلى عامل له على الصدقة، فبعث العامل معه بها، فهرب و استوطن الحرم، و إنّ
أولى الناس بصالح محمد صلّى اللّه عليهما و سلّم، و إنّي أشهدكم أنّي قد رددتهم
إلى الرّقّ.
قال: و بلغنا
أنّ ابن عبّاس قال، و ذكر عنده ثقيف، فقال: هو قسيّ بن منبّه، و كان عبدا لامرأة
صالح نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و هي الهيجمانة بنت سعد، فوهبته لصالح، و
إنّه سرّحه إلى عامل له على الصّدقة؛ ثم ذكر باقي خبره مثل ما قال عليّ بن أبي
طالب رضي اللّه عنه. و قال فيه: إنّه مرّ برجل معه غنم و معه ابن له صغير ماتت
أمّه فهو يرضع من شاة ليست في الغنم لبون غيرها، فأخذ الشاة؛ فناشده اللّه، و
أعطاه عشرا فأبى، فأعطاه جميع الغنم فأبى.
فلمّا رأى ذلك
تنحّى، ثم نثل [4] كنانته فرماه ففلق قلبه؛ فقيل له: قتلت رسول رسول اللّه صالح.
فأتى صالحا فقصّ عليه قصّته؛ فقال: أبعده اللّه! فقد كنت أنتظر هذا منه؛ فرجم
قبره، فإلى [5] اليوم و الليلة يرجم، و هو أبو رغال.
قال: و بلغنا
عن عبد اللّه بن عبّاس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم حين انصرف من الطائف
مر بقبر أبي رغال فقال: «هذا قبر أبي رغال و هو أبو ثقيف كان في الحرم فمنعه اللّه
عزّ و جلّ، فلمّا خرج منه رماه اللّه و فيه عمود من ذهب»؛ فابتدره المسلمون
فأخرجوه.
/ قال: و روى
عمرو بن عبيد عن الحسن أنّه سئل عن جرهم: هل بقي منهم أحد؟ قال: ما أدري، غير أنّه
لم يبق من ثمود إلّا ثقيف في قيس عيلان، و بنو لجا في طيّىء، و الطّفاوة في بني
أعصر.
[1]
كذا في م، ح. و يريم: موضع بنجد و واد بالحجاز قرب مكة. و في سائر الأصول: «تريم»
بالتاء المثناة من فوق. و تريم: إحدى مدينتي حضرموت و المدينة الأخرى شبام.