قال الزّبير و
حدّثني يحيى بن محمد عن الأصمعيّ قال: ذهب أميّة في شعره بعامّة ذكر الآخرة، و ذهب
عنترة بعامّة ذكر الحرب، و ذهب عمر بن أبي ربيعة بعامّة ذكر الشباب.
جاءه طائران
و هو نائم فشق احدهما عن قلبه:
قال الزبير
حدّثني عمر [1] بن أبي بكر المؤمّلي قال حدّثني رجل من أهل الكوفة قال:
كان أميّة
نائما فجاء طائران/ فوقع أحدهما على باب البيت، و دخل الآخر فشقّ عن قلبه ثم ردّه
الطائر؛ فقال له الطائر الآخر: أوعى؟ قال نعم. قال: زكا؟ قال: أبى [2].
خرج مع ركب
إلى الشام فعرضت لهم جنية فاسترشد راهبا للوقاية منها:
أخبرني عمّي
قال حدّثني أحمد بن الحارث عن ابن الأعرابيّ عن ابن دأب قال:
خرج ركب من
ثقيف إلى الشأم، و فيهم أميّة بن أبي الصّلت، فلمّا قفلوا راجعين نزلوا منزلا
ليتعشّوا بعشاء، إذ أقبلت عظاية [3] حتّى دنت منهم، فحصبها بعضهم بشيء في وجهها
فرجعت؛ و كفتوا [4] سفرتهم ثم قاموا يرحلون ممسين؛ فطلعت عليهم/ عجوز من وراء كثيب
مقابل لهم تتوكّأ على عصا، فقالت: ما منعكم أن تطعموا رجيمة [5] الجارية اليتيمة
التي جاءتكم عشيّة؟ قالوا: و من أنت؟ قالت: أنا أمّ العوّام، إمت [6] منذ أعوام؛
أمّا و ربّ العباد، لتفترقنّ في البلاد؛ و ضربت بعصاها الأرض ثم قالت: بطّئي
إيابهم، و نفّري ركابهم؛ فوثبت الإبل كأنّ على ذروة كل بعير منها شيطانا ما يملك
منها شيء، حتى افترقت في الوادي. فجمعناها في آخر النهار من الغد و لم نكد [7].
فلمّا أنخناها لنرحلها طلعت علينا العجوز فضربت الأرض بعصاها ثم قالت كقولها
الأوّل؛ ففعلت الإبل كفعلها بالأمس، فلم نجمعها إلا الغد [8] عشيّة. فلمّا أنخناها
لنرحلها أقبلت العجوز ففعلت كفعلها في اليومين و نفرت الإبل. فقلنا لأميّة: أين ما
كنت تخبرنا به عن نفسك؟ فقالت: اذهبوا أنتم في طلب الإبل و دعوني. فتوجّه إلى ذلك
الكثيب الذي كانت العجوز تأتي منه حتى علاه و هبط منه إلى واد، فإذا فيه كنيسة و
قناديل، و إذا رجل مضطجع معترض على بابها، و إذا رجل أبيض الرأس و اللّحية؛ فلمّا
رأى أميّة قال: إنّك لمتبوع، فمن أين يأتيك صاحبك؟ قال: من أذني اليسرى. قال فبأيّ
الثياب يأمرك؟ قال: بالسواد. قال: هذا خطيب الجنّ؛ كدت و اللّه أن تكونه و لم
تفعل؛ إنّ
[1]
في الأصول: «عمرو بن أبي بكر الموصلي». و انظر الحاشية رقم 1 في الصفحة 123.
[2] ورد هذا
الخبر في «طبقات الشعراء» لمحمد بن سلام الجمحي (ص 67 طبع أوروبا) مع زيادة في
العبارة و اختلاف في بعض الكلمات. و سيعيده المؤلف بتفصيل أوفى في ص 127.
[3] العظاية:
دويبة ملساء تشبه سام أبرص و تسمى شحمة الأرض و شحمة الرمل، و هي أنواع كثيرة و
كلها منقطة بالسواد، و من طبعها أنها تمشي مشيا سريعا ثم تقف.
[4] كذا في
أ، ء، م. و كفت الشيء: ضم بعضه إلى بعض. و في سائر الأصول: «و كفوا». و السفرة:
ما يبسط تحت الخوان من جلد أو غيره.