كان أخي أبو عبد الرحمن
يشرب مع أصدقاء له من الكتّاب، و معهم قينة يقال لها: مصباح، من أحسن الناس وجها،
و أطيبهم غناء، فما زالوا في قصف و عزف إلى أن انقطع نبيذهم؛ فبقوا حيارى، و كانوا
قريبا من منزل أبي العباس أحمد بن الحسين/ بن موسى بن جعفر بن محمد العلويّ، و كان
صديقا لأبي عبد الرحمن فكتب إليه:
قال: فلما وصلت الرقعة إلى
أبي العباس أرسل إليهم براوية شراب، فلم يزالوا يشربون مجتمعين، حتى نفدت في أخفض
عيش.
يأكل الحاضر و يسمع عقد:
حدّثني أبو يعقوب إسحاق بن
الضحّاك بن الخصيب الكاتب: قال:
جاءني يوما أبو عبد الرحمن
العطوي بعد وفاة عمي أحمد بن الخصيب بسنتين، و كان صديقه و صنيعته، فجلس عندي
يحادثني حديثه، و يبكي ساعة طويلة، ثم تغيمت السماء و هطلت، فسألته أن يقيم عندي،
فحلف ألا يفعل إلا بعد أن أحضره من وقتي ما راج من الطعام، و لا أتكلّف له شيئا،
ففعلت و جئته بما حضر، فقال لي: ما فعلت عقد؟ قلت: باقية، و هي في يومنا هذا مقيمة
عندي، و الساعة تسمع غناءها، فقال لي: عجّل إذن فإنّ النهار قصير، ثم أنشأ يقول: