فجرة؛ و لو قدم عليك ابن
عطية لكانوا أشدّ عليك منه؛ فقال: لا أرى ذلك؛ لأنهم قد دخلوا في الطاعة؛ و أقروا
بالحكم؛ و وجب لهم حقّ الولاية؛ قال: إنهم سيغدرون؛ فقال: أبعدهم اللّه، (فَمَنْ نَكَثَ
فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ)[1]. قال: و قدم عبد الملك بن عطية مكة، فصيّر أصحابه فرقتين،
و لقي الخوارج من وجهين؛ فصيّر طائفة بالأبطح؛ و صار هو في الطائفة الأخرى بإزاء
أبي حمزة؛ فصار أبو حمزة أسفل مكة؛ و صيّر أبرهة بن الصّباح بالأبطح في ثمانين
فارسا، فقاتلهم أبرهة؛ فانهزم أهل الشأم إلى عقبة مني؛ فوقفوا عليها؛ ثم كرّوا؛ و
قاتلهم؛ فقتل أبرهة: كمن له هبّار القرشيّ؛ و هو على جبل دمشق عند بئر ميمون؛
فقتله؛ و تفرق الخوارج؛ و تبعهم أهل الشأم يقتلونهم؛ حتى دخلوا المسجد، و التقى
أبو حمزة و ابن عطية بأسفل مكة؛ فخرج أهل مكة مع ابن عطية؛ فقتل أبو حمزة على فم
الشّعب و قتلت معه امرأته؛ و هي ترتجز و تقول:
قال: و تفرّقت الخوارج
فأسر أهل الشام منهم أربعمائة؛ فدعا بهم ابن عطية؛ فقال: ويلكم! ما دعاكم إلى
الخروج مع هذا؟ قالوا: ضمن لنا الكنّة: يريدون الجنّة، و هي لغتهم، فقتلهم، و صلب
أبا حمزة و أبرهة بن الصبّاح و رجلين من أصحابهم على فم/ الشّعب؛ شعب/ الخيف، و دخل
علي بن الحصين دارا من دور قريش، فأحدق أهل الشام بالدار فأحرقوها، فلما رأى ذلك
رمى بنفسه من الدار، فقاتلهم و أسر فقتل، و صلب مع أبي حمزة، و لم يزالوا مصلّبين
حتى أفضى الأمر إلى بني العباس، و حجّ مهلهل الهجيميّ في خلافة أبي العباس، فأنزل
أبا حمزة ليلا، فدفنه، و دفن خشبته.
مصرع مخنثين:
قال المدائني: و كان بمكة
مخنّثان، يقال لأحدهما: سبكت، و للآخر: صقرة [3]، فكان صقرة يرجف بأهل الشام، و
كان سبكت يرجف بالإباضية، فعرف الخوارج أمرهما، فوجهوا إلى سبكت، فأخذوه فقتلوه،
فقال صقرة:
يا ويله هو و اللّه أيضا
مقتول، و إنما كنت أنا و سبكت نتكايد و نتكاذب، فقتلوه، و غدا يجيء أهل الشام،
فيقتلونني، فلما دخل ابن عطية مكة عرف خبرهما، فأخذ صقرة، فقتله.
مذهب ابن عطية:
و قال هارون في خبره:
أخبرني عبد الملك بن الماجشون، قال:
لما التقى أبو حمزة و ابن
عطية قال أبو حمزة: لا تقاتلوهم حتى تختبروهم فصاح بهم: ما تقولون في القرآن و
العمل به؟ فصاح ابن عطية: نضمه في جوف الجوالق [4]، قال: فما تقولون في مال
اليتيم؟ قال: نأكل ماله؛