قال المدائني عن رجاله: و
بعث أبو حمزة بلج بن عقبة في ستمائة رجل ليقاتل عبد الملك بن عطية، فلقيه بوادي
القرى لأيام خلت من جمادي الأولى سنة ثلاثين و مائة فتواقفوا، و دعاهم بلج إلى
الكتاب و السنة، و ذكر بني أمية و ظلمهم، فشتمهم أهل/ الشام، و قالوا: أنتم يا
أعداء اللّه أحقّ بهذا ممن ذكرتم و قلتم، فحمل عليهم بلج و أصحابه، فانكشف طائفة
من أهل الشام، و ثبت ابن عطية في [1] عصبة صبروا معه، و نادى يا أهل الشام يا أهل
[1] الحفاظ ناضلوا عن دينكم و أميركم، فكرّوا، و صبروا صبرا حسنا، و قاتلوا قتالا
شديدا، فقتل بلج و أكثر أصحابه، و انحازت قطعة من أصحابه نحو المائة إلى جبل
اعتصموا به، فقاتلهم ابن عطية ثلاثة/ أيام فقتل منهم سبعين رجلا و نجا ثلاثون،
فرجعوا إلى أبي حمزة، و نصب ابن عطية رأس بلج على رمح، قال: و اغتمّ الذين رجعوا
إلى أبي حمزة من وادي القرى إلى المدينة، و هم الثلاثون، و رجعوا و جزعوا من
انهزامهم، و قالوا: ما فررنا من الزّحف، فقال لهم أبو حمزة: لا تجزعوا، فأنا لكم
فئة و إليّ انصرفتم.
أهل المدينة ينقضون على
الخوارج:
قال المدائني: و خرج أبو
حمزة من المدينة إلى مكة، و استخلف رجلا يقال له: المفضّل عليها، فدعا عمر بن عبد
الرحمن بن أسيد بن عبد الرحمن بن يزيد بن الخطاب الناس إلى قتالهم، فلم يجد كبير
أمر؛ لأن القتل قد كان شاع في الناس، و خرج وجوه أهل البلد عنه؛ فاجتمع إلى عمر
البربر و الزّنج و أهل السوق و العبيد، فقاتل بهم الشّراة؛ فقتل المفضّل و عامّة
أصحابه؛ و هرب الباقون؛ فلم يبق في المدينة منهم أحد؛ فقال في ذلك سهيل أبو
البيضاء مولى زينب بنت الحكم بن العاصى:
ليت مروان رآنا
يوم الاثنين عشيّه
إذ غسلنا العار عنّا
و انتضينا المشرفيّة
قال: فلما قدم ابن عطية
المدينة أتاه عمر بن عبد الرحمن بن أسيد؛ فقال له: أصلحك اللّه! إنّي جمعت قضّي و
قضيضي [2]؛ فقاتلت هؤلاء؛ فقتلنا من امتنع من الخروج عن المدينة و أخرجنا الباقين،
فلقيه أهل المدينة بقضّهم و قضيضهم.
مصرع أبي حمزة و زوجته:
قال: و أقام ابن عطية
بالمدينة شهرا؛ و أبو حمزة مقيم بمكة؛ ثم توجّه إليه فقال له عليّ بن حصين
العنبريّ:
إني قد كنت أشرت عليك يوم
قديد و قبله أن تقتل هؤلاء الأسرى كلهم، فلم تفعل، و عرّفتك أنهم سيغدرون فلم
تقبل؛ حتى قتلوا المفضّل و أصحابنا المقيمين بالمدينة؛ و أنا أشير عليك اليوم أن
تضع السيف في هؤلاء؛ فإنهم كفرة