هو أبو العباس محمد بن
أحمد، و يلقب حمدونا الحامض بن عبد اللّه بن عبد الصمد بن علي بن عبد اللّه بن
العباس [1] بن عبد المطلب و كان صالح الشعر مطبوعا يقول الشعر المستوي في أول عمره
منذ أيام الأمين و هو غلام، إلى أن ولي/ المتوكل الخلافة، فترك الجدّ، و عاد إلى
الحمق و الشهرة به، و قد نيّف على الخمسين، و رأى أن شعره مع توسطه لا ينفق مع
مشاهدته أبا تمام الطائيّ و البحتريّ و أبا السمط بن أبي حفصة و نظراءهم.
شاعر هازل:
حدّثني عم أبي عبد العزيز
بن أحمد، قال:
سمعت حمدون الحامض يذكر
أنه ابنه أبا العبر ولد بعد خمس سنين خلت من خلافة الرشيد، قال: و عمّر إلى خلافة
المتوكل، و كسب بالحمق أضعاف ما كسبه كلّ شاعر كان في عصره بالجدّ، و نفق نفاقا
عظيما، و كسب في أيام المتوكّل مالا جليلا، و له فيه أشعار حميدة، يمدحه بها، و
يصف قصره و برج الحمام و البركة [2] كثيرة المحالّ، مفرطة السقوط، لا معنى لذكرها،
سيما و قد شهرت في الناس.
فحدّثني محمد بن أبي
الأزهر، قال: حدّثني الزبير بن بكّار، قال: قال لي عمي: ويحك! أ لا يأنف الخليفة
لابن عمه هذا الجاهل مما قد شهّر به نفسه و فضح عشيرته! و اللّه إنه لعرّ بني آدم
جميعا، فضلا عن أهله و الأدنين [3]! أ فلا يردعه و يمنعه من سوء اختياره! فقلت:
إنه ليس بجاهل كما تعتقد [4]، و إنما يتجاهل، و إن له لأدبا صالحا و شعرا طيّبا،
ثم أنشدته:
/
لا أقول اللّه يظلمني
كيف أشكو غير متّهم!
و إذا ما الدّهر
ضعضعني
لم تجدني كافر النّعم
قنعت نفسي بما رزقت
و تناهت في العلا هممي
ليس لي مال سوى كرمي
و به أمني من العدم
فقال لي: ويحك! فلم لا
يلزم هذا و شبهه؟ فقلت له: و اللّه يا عم لو رأيت ما يصل إليه بهذه الحماقات
(1-
1) تكملة من هج.
[2]
يقتضي السياق زيادة كلمة «و أخرى» بعد قوله «و البركة».