و إنّي لكما قال القيسيّ:
ما زلت أمتطي النهار إليك، و أستدلّ بفضلك عليك، حتى إذا جنّني الليل، فقبض البصر،
و محا الأثر، أقام بدني؛ و سافر أملي، و الاجتهاد [عذر] [1]، و إذا بلغتك فهو
مرادي فقط. فقال له سليمان:
لا عليك: فإني عارف/
بوسيلتك، محتاج إلى كفايتك، و لست أؤخّر عن أمري [2] النظر في أمرك و توليتك ما
يحسن أثره عليك.
القاضي أحد شهودها:
و ذكر يحيى بن علي بن يحيى
عن أبيه قال:
ما رأيت أظرف من سليمان بن
وهب، و لا أحسن أدبا: خرجنا نتلقاه عند قدومه من الجبل مع موسى بن بغا، فقال لي:
هات الآن يا أبا الحسن، حدّثني بعجائبكم بعدي، و ما أظنك تحدّثني بأعجب من خبر
ضرطة أبي وهب بحضرة القاضي، و ما سيّر من خبرها، و ما قيل [3] فيها، حتى قيل:
و من العجائب أنها
بشهادة ال
قاضي فليس يزيلها الإنكار
و جعل يضحك.
يعترف بفضل بن ثوابة:
قال علي بن الحسين
الأصبهاني:
حضرت أبا عبد اللّه
الباقطاني، و هو يتقلّد ديوان المشرق، و قد تقلّد ابن أبي السلاسل ماسبذان و
مهرجان قذف [4]، و جاءه يأخذ كتبه، فجعل يوصيه كما يوصي أصحاب الدواوين العمّال،
فقال ابن أبي السلاسل: كأنّك استكثرت لي هذا العمل أنت أيضا! قد كنت تكتب لأبي
العباس بن ثوابة، ثم صرت صاحب ديوان، فقال له الباقطانيّ: يا جاهل يا مجنون، لو لا
أنه قبيح عليّ مكافأة مثلك لراجعت الوزير-/ أيده اللّه- في أمرك، حتى أزيل يدك، و
من لي أن أجد مثل ابن [5] ثوابة في هذا الوقت، فأكتب له، و لا أريد الرئاسة! ثم
أقبل علينا يحدثنا، فقال:
دخلت مع أبي العباس بن
ثوابة إلى المهتدي، و كان سليمان بن وهب وزيره، و كان/ يدخل إليه الوزير و أصحاب
الدواوين و العمال و الكتّاب، فيعملون بحضرته، فيوقع إليهم في الأعمال، فأمر
سليمان أن يكتب عنه عشرة كتب مختلفة إلى جماعة من العمال، فأخذ سليمان بيد أبي
العباس بن ثوابة، ثم قال له: أنت اليوم أحدّ ذهنا منّي فهلمّ نتعاون، فدخلا بيتا،
و دخلت معهما، و أخذ سليمان خمسة أنصاف و أبو العباس خمسة أنصاف أخر، فكتبا الكتب