بينما نحن بهذا المربد
جلوس- يعني مربد البصرة- إذ أتى علينا أعرابيّ أشعث الرأس، فوقف علينا، فقلنا:
و اللّه لكأنّ هذا الرجل
ليس من أهل هذا البلد، قال: أجل، و إذا معه قطعة من جراب أو أديم، فقال: هذا كتاب
كتبه لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، فقرأناه فإذا فيه مكتوب: بسم اللّه
الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد رسول اللّه لبني زهير- هكذا قال أحمد بن عبيد، و
قال الباقون: لبني زهير بن أقيش- حيّ من عكل- إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا اللّه و
أنّي رسول اللّه، و أقمتم الصلاة، و آتيتم الزكاة، و فارقتم المشركين، و أعطيتم
الخمس من الغنائم و سهم النبي و الصّفيّ [1] فأنتم آمنون بأمان اللّه و أمان
رسوله.
يشكون في روايته، فيغضب
و قال أحمد بن عبيد اللّه
في خبره خاصة: «لكم ما للمسلمين و عليكم ما عليهم». و قالوا جميعا في
الخبر:
فقال له القوم: حدّثنا
رحمك اللّه، ما سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، فقال: سمعت رسول اللّه
صلى اللّه عليه و سلم يقول: «صوم شهر الصّبر، و صوم/ ثلاثة أيام من كل شهر يذهبن كثيرا
من وحر [2] الصدر». فقال له القوم: أ أنت سمعت هذا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه
و سلم؟ فقال: أراكم تخافون أن أكذب على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، لا
حدثتكم حديثا، ثم أهوى إلى الصحيفة، و انصاع [3] مدبرا. قال يزيد بن عبد اللّه:
فقيل لي بعد ما مضى: هذا النمر بن تولب العكليّ الشاعر.
مثل من كرمه
أخبرني محمد بن خلف قال:
أخبرنا محمد بن سلام، قال:
خرج النمر بن تولب بعد ما
كبر في إبله، فسأله سائل، فأعطاه فحل إبله، فلما رجعت الإبل إذا فحلها ليس فيها،
فهتفت به امرأته، و عذلته، و قالت: فهلّا غير فحل إبلك؟ فقال لها: