ثم ظهرت الروم على بني
إسرائيل جميعا بالشام، فوطئوهم، و قتلوهم، و نكحوا نساءهم فخرج بنو النّضير و بنو
قريظة و بنو بهدل [1] هاربين منهم إلى من بالحجاز من بني إسرائيل لمّا غلبتهم
الروم على الشام، فلما فصلوا عنها بأهليهم بعث ملك الروم في طلبهم؛ ليردهم،
فأعجزوه، و كان ما بين الشام و الحجاز مفاوز، فلم بلغ/ طلب الروم التمر [2] انقطعت
أعناقهم عطشا، فماتوا، و سمي الموضع تمر الروم، فهو اسمه إلى اليوم، فلما قدم بنو
النضير و بنو قريظة و بهدل المدينة نزلوا الغابة، فوجدوها وبيّة [3] فكرهوها، و
بعثوا رائدا أمروه أن يلتمس منزلا سواها، فخرج حتى أتى العالية، و هي بطحان و
مهزور: واديان من حرّة على تلاع أرض عذبة، بها مياه عذبة تنبت حرّ الشجر، فرجع
إليهم، فقال:/ قد وجدت لكم بلدا طيبا نزها على حرّة يصب فيها واديان على تلاع عذبة
و مدرة [4] طيبة في متأخّر الحرة و مدافع الشّرج، قال: فتحوّل القوم إليها من
منزلهم ذلك، فنزل بنو النضير و من معهم على بطحان، و كانت لهم إبل نواعم، فاتخذوها
أموالا، و نزلت بنو النضير و من معهم على بطحان، و كانت لهم إبل نواعم، فاتخذوها
أموالا، و نزلت بنو قريظة و بهدل و من معهم على مهزور، فكانت لهم تلاعه و ما سقي
[5] من بعاث و سماوات [6]، فكان ممن يسكن المدينة- حين نزلها الأوس و الخزرج- من
قبائل بني إسرائيل بنو عكرمة [7]، و بنو ثعلبة، و بنو محمر [8]، و بنو زغورا [9]،
و بنو قينقاع، و بنو زيد، و بنو النضير، و بنو قريظة، و بنو بهدل، و بنو عوف، و
بنو الفصيص [10]، فكان يسكن يثرب جماعة من [11] أبناء اليهود، فيهم الشرف و الثروة
و العز على سائر اليهود، و كان بنو مرانة في موضع بني حارثة، و لهم كان الأطم الذي
يقال له: الخال.
بطون من العرب بالمدينة
و كان معهم من غير بني
إسرائيل بطون من العرب منهم: بنو الحرمان [12]: حي من اليمن، و بنو مرثد حي من
بليّ، و بنو أنيف من بليّ أيضا، و بنو معاوية حي من بني سليم ثم من بني الحارث بن
بهثة، و بنو الشظية: حي من غسّان، و كان يقال لبني قريظة و بني النضير خاصة من
اليهود: الكاهنان، نسبوا بذلك إلى جدهم الذي/ يقال له الكاهن، كما يقال: العمران و
الحسنان و القمران [13]، قال كعب بن سعد القرظيّ: