فدعا بعبيد من وراء الستر،
فقال له رديفه [1]: هلا كان الذبح لغيرك يا عبيد! فقال: أتتك بحائن رجلاه، فأرسلها
مثلا، فقال: ما ترى يا عبيد؟ قال: أرى الحوايا عليها المنايا. فقال: فهل قلت شيئا؟
فقال: حال الجريض دون القريض، فقال: أنشدني.
فأما خبر عمرو بن مسعود و
خالد بن المضلل و مقتلهما فإنهما كانا نديمين للمنذر بن ماء السماء، فيما ذكره
خالد بن كلثوم- فراجعاه بعض القول على سكره،/ فغضب، فأمر بقتلهما، و قيل: بل
دفنهما حيين، فلما أصبح سأل عنهما، فأخبر خبرهما فندم على فعله، فأمر بإبل، فنحرت
على قبريهما، و غرّي بدمائها قبراهما إعظاما لهما و حزن عليهما، و بنى الغريّين
فوق قبريهما، و أمر فيهما بما قدّمت ذكره من أخبارهما، فقالت نادبة الأسديين:
ألا بكر الناعي بخير
بني أسد
بعمرو بن مسعود و بالسيّد الصّمد
/ و قال بعض شعراء بني أسد يرثي خالد بن المضلّل و عمرو
بن مسعود، و فيه غناء:
الغناء لابن سريج ثقيل أول
مطلق في مجرى الوسطى من جامع أغانيه.
و مما يغني به أيضا من شعر
عبيد:
صوت
طاف الخيال علينا
ليلة الوادي
من أمّ عمرو و لم يلمم لميعاد
[1]
رديفه: رديف المنذر، و الرديف: نديم
السلطان الذي يشاربه، و يجلس بجواره، و ينوب عنه إذا غاب.
[2]
الطلى: اسم من أسماء الخمر، و يطلق
هذا اللفظ على اللذة، و هذا المعنى هو المراد هنا، لأنه لا معنى لأن يكنى الخمر
بأم الخمر، و إنما المعقول أن تكنى بأم اللذة. و أبو جعدة، و أبو جعادة: كنية
الذئب، و لعله كنى بذلك لتجعد شعر ذنبه.