قال: ثم كان يوم الفجار
الثاني، و أول يوم حروبه يوم نخلة، و بينه و بين مبعث النبي صلّى اللّه عليه و
سلّم ست/ و عشرون سنة، و شهد النبي صلّى اللّه عليه و سلّم ذلك اليوم مع قومه، و
له أربع عشرة سنة، و كان يناول عمومته النّبل، هذا قول أبي عبيدة. و قال غيره: بل
شهدها، و هو ابن ثمان و عشرين سنة.
قال أبو عبيدة: كان الذي
هاج هذه الحرب يوم الفجار الآخر، أن البراض بن قيس بن رافع، أحد بني ضمرة ابن بكر
بن عبد مناة بن كنانة كان سكّيرا فاسقا، خلعه/ قومه، و تبرءوا منه فشرب في بني
الدّيل، فخلعوه، فأتى مكة، و أتى قريشا، فنزل على حرب بن أمية، فحالفه فأحسن حرب
جواره، و شرب بمكة، حتى همّ حرب أن يخلعه، فقال لحرب: إنه لم يبق أحد، ممن يعرفني
إلّا خلعني سواك، و إنك إن خلعتني لم ينظر إليّ أحد بعدك، فدعني على حلفك، و أنا
خارج عنك، فتركه. و خرج، فلحق بالنعمان بن المنذر بالحيرة.
من يجيز لطيمة النعمان
و كان النعمان يبعث إلى
سوق عكاظ في وقتها بلطيمة [1] يجيزها له سيّد مضر، فتباع، و يشترى له بثمنها الأدم
و الحرير و الوكاء و الحذاء و البرود من العصب [2] و الوشي و المسيّر [3] و العدني
[4]، و كانت سوق عكاظ في أول ذي القعدة، فلا تزال قائمة يباع فيها و يشترى إلى
حضور الحج، و كان قيامها فيما بين النخلة [5] و الطائف عشرة أميال، و بها نخل و
أموال لثقيف، فجهز النعمان لطيمة له، و قال: من يجيزها فقال البرّاض: أنا أجيزها
على بني كنانة، فقال النعمان: إنما أريد رجلا يجيزها على أهل نجد، فقال عروة الرحال
[6] بن عتبة بن جعفر بن كلاب، و هو يومئذ رجل من هوازن: أنا أجيزها- أبيت اللعن-
فقال له البراض: من [7] بني كنانة تجيزها يا عرورة؟ قال: نعم، و على الناس جميعا أ
فكلب خليع يجيزها [8]!.
قال: ثم شخص بها، و شخص
البرّاض، و عروة يرى مكانه، لا يخشاه على ما صنع، حتى إذا كان بين ظهري غطفان إلى
جانب فدك، بأرض يقال لها أوارة قريب من/ الوادي الذي يقال له تيمن نام عروة في ظلّ
شجرة، و وجد البرّاض غفلته، فقتله و هرب في عضاريط [9] الركاب، فاستاق الركاب، و
قال البراض في ذلك: